من معالم فكر سيِّدنا الشَّهيد، نزعته المنطقيَّة والبرهانيَّة في التفكير ومعالجة القضايا العلميَّة، ومراعاة كون تلك المعطيات البرهانيَّة تنسجم وتتطابق مع الوجدان وتحتوي على درجة كبيرة من قوة الإقناع وتحصيل الاطمئنان النفسي بالفكرة، فلم يكن يكتفي بسرد النظريَّة بلا دليل أو مصادرةً، بل كان يقدِّم الأدلَّة والبراهين المقنعة على كلّ فرضيَّة يحتاج إليها البحث، حتى لا تتعسَّر عليه صياغة أي برهان موضوعي فكالبحوث اللغويَّة والعقلانيَّة والعرفيَّة- . وهذه السمة جعلت آراء هذه المدرسة ومعطياتها الفكريَّة ذات صبغة علميَّة ومنطقيَّة فائقة، يتعذّر توجيه نقد إليها بسهولة. كما جعلتها أبلغ في الإقناع والقدرة على إفهام الآخرين وتفنيد النظريَّات والآراء الأخرى. وجعلتها أيضاً قادرة على تربية فكر روَّادها وبنائه بناءً منطقياً وعلمياً، بعيداً
عن مشاحَّة النزاعات اللفظيَّة أو التشويش والخبط واختلاط الفهم الذي تسقط فيه الدراسات والبحوث العلميَّة والعقليَّة العالية في أكثر الأحيان..
وفي الوقت نفسه لم يكن هذا الفكر البرهاني المنطقي يتمادى في اعتماد الصياغات والاصطلاحات الشكليَّة، التي قد تتعثر على أساسها طريقة تفكير الباحث فيبتعد عن الواقع ويتبنَّى نظريات يرفضها الوجدان السليم. خصوصاً في البحوث ذات الملاك الوجداني والذاتي التي تحتاج إلى منهج خاص للاستدلال والإقناع. فكنت تجده دوماً ينتهي من البراهين إلى النتائج الوجدانيَّة، فلا يتعارض لديه البرهان مع مدركات الوجدان الذاتي السَّليم في مثل هذه المسائل، بل كان على العكس يصوغ البرهان لتعزيز مدركات الوجدان، وكان يدرك المسألة أوَّلاً بحسِّه الوجداني والذاتي، ثمَّ يصوغ في سبيل دعمها علميَّاً ما يمكن من البرهان والاستدلال المنطقي. ومن هنا لا يشعر الباحث بثقل البراهين وتكلّفها أو عدم تطابقها مع الذوق والحسّ الوجداني للمسألة، الأمر الذي وقع فيه الكثير من الأصوليين والفقهاء المتأثرين بمناهج العلوم العقليَّة الأخرى..
من ذلك -على سبيل المثال- ما ذكره «قدّس سرّه» في مناقشة مدرسة السكاكي في حقيقة المدلول المجازي، حيث أنكرت هذه المدرسة أن يكون المجاز استعمالاً للفظ في غير ما وضع له من المعنى بحسب القانون اللغوي، بل اعتبرته من باب الاستعمال في المعنى الحقيقي، وإنَّما العناية والتجوّز في تطبيق ذلك المعنى على غير واقعه في الخارج ادّعاءً، فقد أكّد السَّيِّد الشَّهيد أدلته البرهانيَّة على بطلان هذه النظريَّة بالوجدان «القاضي بأنّ إسباغ صفات المعنى الحقيقي ادّعاءً على شيء قد يؤدي عكس المقصود للمتجوِّز، فمن يريد أن يبالغ في جمال يوسف فيقول: إنه «بدر» ليس في ذهنه إطلاقاً ادّعاء أن يوسف مستدير كالبدر، وإلاّ لفقد جماله كإنسان، لأنَّ صفات البدر إنَّما تكون سبباً للجمال في البدر بالذات لا في شيء آخر.
وعلى هذا الأساس، فما ذكره السكاكي لا يصلح أن يكون تفسيراً عاماً للتجوّز» (انظر تقريراتنا لبحث السَّيِّد الشَّهيد: «بحوث في علم الأصول»، 1/119).
وقد استطاع هذا الفكر العملاق، على أساس التوفيق بين خصيصته المنطقيَّة
والعلميَّة في الاستدلال، وبين مراعاة المنهجيَّة الصحيحة المنسجمة مع كلّ علم، أن يتناول في كلّ حقل من حقول المعرفة المنهج العلمي المناسب مع طبيعة ذلك العلم من دون تأثُّرٍ بالمناهج الغريبة عن ذلك العلم وطبيعته.
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ جعفر السبحاني
السيد محمد باقر الحكيم
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
السيد جعفر مرتضى
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
الشيخ محمد صنقور
الشيخ علي المشكيني
الشيخ حسين مظاهري
السيد محمد حسين الطهراني
عبد الوهّاب أبو زيد
ناجي حرابة
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
الشيخ علي الجشي
جاسم بن محمد بن عساكر
أحمد الماجد
عبدالله طاهر المعيبد
ياسر آل غريب
زهراء الشوكان
تحدّي القرآن بالإخبار عن الغيب
الفطرة والغريزة
نظرية أهل البيت (عليهم السلام) في فهم القرآن الكريم
وجود الإنسان والمنظومة الدقيقة
محاضرة للشّعلة بعنوان: ثلاث خطوات لجعل عامك الجديد أكثر نجاحًا
متى تحرّر سلمان الفارسيّ؟ (4)
العلاقة الزّوجيّة في ظلّ المجتمع، محاضرة لأنوار الفتيل في برّ سنابس
لماذا يدخل الإمام علي (ع) عنصر التاريخ في أحاديثه الوعظية؟
الإرادة الإلهيّة
في محاسبة النّفس ومراقبتها