السيد محمد حسين الطباطبائي ..
سُئل الإمام الصادق عليه السلام عن قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ﴾ (آل عمران:26)، أليسَ قد آتى اللهُ عزّ وجلّ، بني أميّة المُلكَ؟
فقال عليه السلام للسائل: ليسَ حَيثُ تَذْهَبُ إِلَيْه، إِنَّ الله عَزَّ وجَلَّ آتَانَا المُلكَ وأَخَذَتْه بَنُو أُمَيَّةَ؛ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَه الثَّوْبُ فَيَأخُذُه الآخَرُ، فَلَيْسَ هُوَ لِلَّذِي أَخَذَه».
وإيتاءُ الملك يكون على وجهين:
* إيتاءٌ تكوينيّ: وهو انبساطُ السلطنة على الناس ونفوذ القدرة فيهم؛ سواء كان ذلك بالعدل أو بالظلم، كما قال تعالى في نمرود ﴿..أَنْ آَتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ..﴾ البقرة:258، وأثره نفوذُ الكلمة ومضيُّ الأمر والإرادة...
* إيتاءٌ تشريعيّ: وهو القضاء بكونه مُلكاً مفترض الطاعة كما قال تعالى: ﴿..إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا..﴾ البقرة:247، وأثره افتراضُ الطاعة وثبوت الولاية، ولا يكون إلّا العدل، وهو مقامٌ محمودٌ عند الله سبحانه. والذي كان لبني أمية من المُلك هو المعنى الأول وأثره، وقد اشتبه الأمر على راوي الحديث، فأخذ مُلكَهم بالمعنى الأول وأخذ معه أثر المعنى الثاني، وهو المقام الشرعيّ والحمد الديني، فنبّهه عليه السلام، أنّ المُلك بهذا المعنى ليس لبني أميّة؛ بل هو لهم، ولهم أثرُه.
وبعبارة أخرى، المُلك الذي لبني أمية إنّما يكون محموداً إذا كان في أيديهم عليهم السلام، وأمّا في أيدي بني أمية فليس إلّا مذموماً لأنّه مغصوب، وعلى هذا فلا يُنسب إلى إيتاء الله إلّا بنحو المكر والاستدراج، كما في مُلك نمرود وفرعون.
وقد اشتبه الأمر على هؤلاء أنفسهم - أعني بني أميّة - في هذه الآية. ففي (الإرشاد) قال المفيد: «ولمّا وُضعت الرؤوس وفيها رأس الحسين عليه السلام، أقبل على أهل مجلسه، فقال: إنّ هذا كان يفخرُ عليَّ ويقول: أبي خيرٌ من أب يزيد، وأمّي خيرٌ من أمّه، وجدّي خيرٌ من جدّه، وأنا خيرٌ منه، فهذا الذي قتلَه!
فأمّا قوله بأنّ أبي خيرٌ من أب يزيد، فلقد حاجّ أبي أباه فقضى اللهُ لأبي على أبيه. وأمّا قوله بأنّ أمّي خيرٌ من أمّ يزيد، فلَعمري لقد صدق، إنّ فاطمة بنت رسول الله خيرٌ من أمّي. وأمّا قوله جدّي خيرٌ من جدّه، فليس لأحدٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول بأنّه خيرٌ من محمّدٍ. وأمّا قوله بأنّه خيرٌ منّي، فلعلّه لم يقرأ هذه الآية: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ..﴾..».
وردّت زينب بنت أمير المؤمنين عليّ عليه وعليها السلام، عليه قولَه بمثل ما ذكره الصادق عليه السلام، في الرواية السابقة، على ما رواه السيّد ابن طاوس وغيره، فقالت فيما خاطبته: «أظننتَ يا يزيد حيثُ أخذتَ علينا أقطارَ الأرضِ وآفاقَ السماءِ، فأَصبحنا نُساقُ كما تساقُ الأسارى، أنّ بِنا على الله هواناً، وبكَ عليه كرامة، وأنّ ذلك لِعظَمِ خَطَرِكَ عنده؟ فَشَمَخْتَ بِأنفِكَ ونظرتَ في عَطفِكَ جَذلانَ مسروراً، حينَ رأيتَ الدُّنيا لكَ مُستَوسِقةً والأمورَ مُتّسِقةً، وحينَ صفا لكَ مُلكُنا وسُلطانُنا؟ مهلاً، مهلاً، أنسيتَ قولَ الله: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾...».
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يد الإمام الكاظم (ع)
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (3)
هل نحتاج أن نقرأ لنتعلّم أم يكفي الاستماع؟ ماذا يقول علم الأعصاب؟
اختتام النّسخة العاشرة من حملة التّبرّع بالدّم (دمك حياة)
الإمام الكاظم (ع) في مواجهة الحكّام العبّاسيّين
السّيّدة رقيّة: اليتيمة الشّهيدة
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله