السيد محمد حسين الطباطبائي ..
ورد في الآية 157 من سورة الأعراف، قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ...﴾.
وفي مستهلّ الآية أخذت كلمة «يتّبعون» موضع «يؤمنون»، وهذا من أحسن التعبير، لأنّ الإيمان بآيات الله سبحانه، كأنبيائه وشرائعهم، إنّما هو بالتسليم والطاعة، فاختير لفظ الاتّباع للدلالة على أنّ الإيمان بمعنى الاعتقاد المجرّد لا يُغني شيئاً، فإنّ ترْك التسليم والطاعة عملاً تكذيبٌ بآيات الله، وإنْ كان هناك اعتقادٌ بأنّه حقّ.
وقد ذَكرَ الله تعالى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بهذه الأوصاف الثلاثة: الرسول، والنبيّ، والأمّي، ولم تجتمع هذه الثلاثة في موضعٍ من كلامه عزّ وجلّ إلّا في هذه الآية والآية التالية (الأعراف:158)، مع قوله تعالى بعده: ﴿..الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ..﴾، تدلّ على أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم كان مذكوراً فيهما معرَّفاً بهذه الأوصاف الثلاثة.
ولولا أنّ الغرض من توصيفه بهذه الثلاثة هو تعريفه بما كانوا يعرفونه به من النعوت المذكورة له في كتابَيهم (التوراة والإنجيل)، لما كانت لذكر الثلاثة: ﴿..الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ..﴾ وخاصة الصفة الثالثة، نكتة ظاهرة.
ويدلّ ظاهر الآية أو يُشعِر بأنّ قوله تعالى: ﴿..يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ..﴾ إلى آخر الأمور الخمسة التي وصفه صلّى الله عليه وآله وسلّم، بها في الآية، من علائمه المذكورة في الكتابَين، وهي مع ذلك من مختصّات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وملّته البيضاء؛ فإنّ الأمم الصالحة، وإن كانوا يقومون بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلّا أنّه لا يرتاب ذو ريب في أنّ الدِّين الذي جاء به محمّدٌ صلّى الله عليه وآله وسلّم، هو الدين الوحيد الذي نفخ في جثمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلّ ما يسعه من روح الحياة، وبلغ به من حدّ الدعوة الخالية إلى درجة الجهاد في سبيل الله بالأموال والنفوس، وهو الدِّين الوحيد الذي أحصى جميع ما تتعلّق به حياة الإنسان من الشؤون والأعمال ثمّ قسّمها إلى طيّبات فأحلّها، وإلى خبائث فحرّمها، ولا يعادله في تفصيل القوانين المشرعة أي شريعة دينية وقانون اجتماعي.
على أنّ كمال هذه الأمور الخمسة في هذه الملّة البيضاء أصدقُ شاهد وأبيَن بيّنة على صِدق الناهض بدعوتها صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإنّ شريعته كمال شريعة الكليم والمسيح عليهما السلام، وهل يطلب من شريعةٍ حقّة إلّا عرفانها المعروف وإنكارها المنكر، وتحليلها الطيبات، وتحريمها الخبائث، وإلغاؤها كلّ إصرٍ وغلٍّ؟ وهي تفاصيل الحقّ الذي تدعو إليه الشرائع الإلهية، فليعترف أهل التوراة والإنجيل أنّ الشريعة التي تتضمّن كمال هذه الأمور بتفاصيلها هي عينُ شريعتهم في مرحلةٍ كاملة.
وبهذا البيان يظهر أن قوله تعالى: ﴿..يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ..﴾ الآية، يفيد بمجموعه معنى تصديقه لما في كتابيَهم من شرائع الله تعالى.
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يد الإمام الكاظم (ع)
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (3)
هل نحتاج أن نقرأ لنتعلّم أم يكفي الاستماع؟ ماذا يقول علم الأعصاب؟
اختتام النّسخة العاشرة من حملة التّبرّع بالدّم (دمك حياة)
الإمام الكاظم (ع) في مواجهة الحكّام العبّاسيّين
السّيّدة رقيّة: اليتيمة الشّهيدة
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله