السيد محمد حسين الطباطبائي
عِلمُ آدم عليه السّلام بـ «حقيقة الأسماء»
وقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ..﴾، مُشعِرٌ بأنّ هذه الأسماء، أو أنّ مسمّياتِها كانوا موجوداتٍ أحياء، عقلاء، مَحجوبين تحت حجاب الغيب، وأنّ العِلمَ بأسمائهم كان غيرَ نحو العلم الذي عندنا بأسماء الأشياء، وإلّا كانت الملائكةُ بإنباء آدمَ إيّاهم بها عالمِين وصائرين مثل آدم، مساوين معه، ولم يكن في ذلك إكرامٌ لآدم ولا كرامة، حيث علّمَه اللهُ سبحانه أسماء ولم يعلِّمْهم، ولو علّمَهم إيّاها كانوا مثلَ آدم أو أشرفَ منه، ولم يكن في ذلك ما يُقنِعُهم أو يُبطِلُ حجّتَهم، وأيُّ حجّةٍ تتمّ في أن يعلّمَ اللهُ تعالى رجلاً عِلْم اللّغة ثمّ يباهي به ويُتمّ الحجّةَ على ملائكة مُكرَمين ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾الأنبياء:27، بأنّ هذا خليفتي وقابلٌ لكرامتي دونَكم؟ ويقول تعالى: أنبئوني باللّغات التي سوف يضعُها الآدميّون بينهم للإفهام والتّفهيم إنْ كنتم صادقين في دَعواكم أو مسألتكم خلافتي؟ على أنّ كمال اللّغة هو المعرفة بمقاصد القلوب، والملائكةُ لا تحتاجُ فيها إلى التّكلّم، وإنّما تتلقّى المقاصدَ من غير واسطة، فلَهم كمالٌ فوق كمال التّكلّم، وبالجملة، فما حصلَ للملائكة من العلم بواسطة إنباء آدم لهم بالأسماء، هو غيرُ ما حصلَ لآدم من حقيقة العلم بالأسماء بتعليمٍ من الله تعالى، فأحدُ الأمرَين كان ممكناً في حقّ الملائكة وفي مقدرتِهم دون الآخر، وآدمُ إنّما استحقّ الخلافةَ الإلهيّة بالعلم بالأسماء دون إنبائها، إذ الملائكةُ إنّما قالوا في مقام الجواب: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا..﴾، فنفوا العلم.
فقد ظهرَ ممّا مرَّ أنّ العلمَ بأسماء هؤلاء المسمّيات يجب أن يكون بحيث يكشفُ عن حقائقِهم وأعيان وُجوداتِهم، دون مجرّد ما يتكفّلُه الوضعُ اللّغوي من إعطاء المفهوم، فهؤلاء المسمّياتُ المعلومة حقائقُ خارجيّةٌ، ووجوداتٌ عينيّة، وهى مع ذلك مستورةٌ تحت ستر الغيب، غيبِ السّماوات والأرض، والعلمُ بها على ما هي عليها كان أوّلاً ميسوراً ممكناً لموجودٍ أرضيٍّ لا ملَكٍ سماويّ، وثانياً: دخيلاً في الخلافة الإلهيّة.
وإذا تأملتَ هذه الجهات، أعني عموم الأسماء وكونَ مسمّياتها أُولي حياةٍ وعلم، وكونَها غيبَ السّماوات والأرض، قضيتَ بانطباقها بالضّرورة على ما أُشيرَ إليه في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ الحجر:21، حيث أخبرَ سبحانه بأنّ كلّ ما يقعُ عليه اسمُ شيءٍ فلَه عنده تعالى خزائنُ مخزونة، باقيةٌ عنده غير نافدة، ولا مقدّرة بقدر، ولا محدودة بحدّ، وأنّ القَدْر والحدّ في مرتبة الإنزال والخَلق، وأنّ الكثرة التي في هذه الخزائن ليست من جنس الكثرة العدديّة الملازمة للتّقدير والتّحديد، بل تعدُّد المراتب والدّرجات..
فتحصّل أنّ هؤلاء الذين عرَضَهم اللهُ على الملائكة موجوداتٌ عاليةٌ محفوظةٌ عندَه تعالى، محجوبةٌ بحُجُبِ الغَيب، أنزلَ اللهُ سبحانه كلَّ اسمٍ في العالَم بخيرها وبركتِها، واشتقّ كلَّ ما في السّماوات والأرض من نورها وبهائها، وأنّهم على كَثرتهم وتعدُّدهم لا يتعدّدون تعدّدَ الأفراد، ولا يتفاوتون تفاوتَ الأشخاص، وإنّما يدور الأمرُ هنا كمدار المَراتب والدّرجات، ونزولُ الاسم من عند هؤلاء إنّما هو بهذا القِسم من النّزول.
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
الاستعداد للسفر الطويل في مواعظ الإمام الحسن (ع)
الشّباب والعافية
أضرار سكر الإريثريتول الصناعي
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (4)
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (2)
(كائنات المجاز) ديوان شعريّ للشّاعر علي الدّندن
(المشكلة الاجتماعيّة، دراسة إبستيمولوجية) جديد الدكتور حسن العبندي
المجتبى: نعش على قارعة السّهام
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس