
الشيخ محمد هادي معرفة
لم يستعمل القرآن لفظ التحريف في سوى معناه اللغوي ، أي التصرّف في معنى الكلمة وتفسيرها على غير وجهها المعبّر عنه بسوء التأويل أو التفسير بالرأي. وهو تحريف معنوي ليس سواه.
وقد أسبقنا الكلام عن قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) (1)) قوله : (عَنْ مَواضِعِهِ) أي بعد أن كان الكلام مستعملاً في معناه الحقيقي الظاهر فيه بنفسه أو المستعمل فيه بدلالة القرائن المعهودة ، فجاء التحريف بعد ذلك خيانة في أمانة الأداء والبلاغ. وفي قوله تعالى (مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ ((2) تصريح بهذا المعنى ، حيث التحريف إزاحة للّفظ عن موضعه الذي هو معناه.
وفي سورة البقرة : (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ ((3) أي جاء تحريف المعنى إلى ما أرادوه بعد علمهم بالمعنى الحقيقي المراد الذي كان على خلاف مصالحهم فيما زعموا.
ومن ثمّ فهو من سوء التأويل كما عبّر عنه الطبرسي ومن قبله الشيخ في التبيان. قال : فالتحريف يكون بأمرين : بسوء التأويل وبالتغيير والتبديل .(4) أي بتغيير لهجة الكلام بحيث يتغيّر المعنى بذلك ، كما جاء في سورة آل عمران ٣ : ٧٨.
وقال الشيخ محمد عبده : من التحريف تأويل القول بحمله على غير معناه الذي وضع له ، وهو المتبادر ، لأنّه هو الذي حملهم على مجاحدة النبي صلىاللهعليهوآله وإنكار نبوّته. ولا يزالون يؤوّلون البشارات إلى اليوم. (5) أي المتبادر من لفظ التحريف في هذه الآيات هو التحريف بالمعنى ، وكانت جرأتهم على هذا التصرّف في تفسير البشارات هي التي مكّنتهم من مقابلة النبي صلىاللهعليهوآله بالإنكار والجحود.
وقال الزمخشري : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ( (6) (أي يميلونه عنها) (7) واللفظ إذا لم يفسّر وفق ظاهره أو بحسب القرائن فقد أميل عن موضعه.
والخلاصة : كان تحريف العهدين الذي أشار إليه القرآن إمّا بسوء التأويل ـ أي التصرّف في تفسيرهما بغير الحقّ ، من غير أن يمسّوا يداً إلى لفظ الكتاب ـ أو مع تغيير في لهجة التعبير عند النطق بالكتاب ، كما قال تعالى : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. ((8).
لأنّ اللفظ إذا لهج به على غير لهجته الأولى لم يكن نفسه وإنّما هو غيره ، وإنّما كانوا يعمدون إلى ذلك ذريعة لكتمان الحقيقة وإخفاء البشائر بمقدم نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآله.
أمّا التحريف بمعنى الزيادة أو النقصان أو تبديل الكلم إلى كلمات غيرها ـ الذي هو معنى اصطلاحي ـ فلم يعهد استعماله في القرآن ، حسبما عرفت.
ــــــــ
1- النساء ٤ : ٤٦ ؛ المائدة ٥ : ١٣.
2- المائدة ٥ : ٤١.
3- البقرة ٢ : ٧٥.
4- التبيان ، ج ٣ ، ص ٤٧٠.
5- المنار ، ج ٥ ، ص ١٤٠.
6- النساء ٤ : ٤٦ والمائدة ٥ : ١٣.
7- الكشّاف ، ج ١ ، ص ٦٣٣.
8- آل عمران ٣ : ٧٨.
حقيقة التوكل على الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
من عجائب التنبؤات القرآنية
الشيخ جعفر السبحاني
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
الشيخ شفيق جرادي
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
إيمان شمس الدين
معنى (عول) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
(التّردّد) مشكلة التسويف، تكنولوجيا جديدة تساعد في التغلّب عليها
عدنان الحاجي
الموعظة بالتاريخ
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كلام عن إصابة العين (1)
الشيخ محمد هادي معرفة
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
محمود حيدر
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
محفّز جديد وغير مكلف يسرّع إنتاج الأوكسجين من الماء
حقيقة التوكل على الله
من عجائب التنبؤات القرآنية
فاطم حلّ نورها
محاضرة في مجلس الزّهراء للدّكتور عباس العمران حول طبّ الأطفال حديثي الولادة
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
(الكمال المزيّف) جديد الكاتبة سوزان آل حمود
لـمّا استراح النّدى
شتّان بين المؤمن والكافر