
قال الله تعالى (الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا). (النساء: 76).
السؤال:
كيف يكون كيد الشيطان ضعيفًا، وكما يرى الجميع فالكفار أكثر عددًا، وأقوى تقنية وسلاحًا وعلومًا طبيعية، وكذلك المغريات المادية والأخلاقية المحيطة بالمسلم كثيرة وقوية، حتى أصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، وأصبح التمسك بالدين صعبًا في زمن كثرت فيه المغريات والملهيات؟
الجواب:
أولاً: (كيد الشيطان كان ضعيفًا) إذا قام المسلمون والمؤمنون بواجباتهم ومسؤولياتهم، ومن ذلك (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ). (الأنفال - 60)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). (الأنفال - 45)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). (محمد - 7).
هذه الآيات وأمثالها تحدثت عن جملة من الشروط للنصر الإلهي، فإذا لم نوّفر تلك الشروط، سنكون ضعفاء أمام الشيطان وجنوده وحبائله وغروره.
ثانيًا: حتى وإن كان الأعداء لديهم القوة العسكرية والعددية والعلمية، ولكنهم يعيشون الخواء من الداخل، لأنهم غالبًا يقاتلون في سبيل المال والدنيا، وغالبًا لا يوجد لديهم إيمان عقائدي راسخ يقاتلون من أجله (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ). (النساء - 104)، (مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ). (الحشر- 2).
ثالثًا: وهي نقطة في غاية الأهمية، أرجو التركيز عليها:
ماذا يريد الشيطان بكيده؟ يريد أن يجرّ الإنسان إلى النار. ولكن المؤمن المتمسك بالله تعالى، كلما نجح في الامتحان والاختبار، ارتفعت مكانته عند الله عز وجلّ، وكلما استغفر من ذنوبه، وتاب إلى ربّه، تاب الله عليه.
(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ). (التوبة – 52). فالمجاهدون إما أن يتغلبوا على جنود الشيطان، وإما أن يرزقوا الشهادة والدرجات الرفيعة عند الله تعالى. وفي كلا الحالتين فقد خاب إبليس في سعيه.
إذن، ضعف كيد إبليس وجنوده، ليس بمعنى عدم مضايقة الأولياء والصالحين، بل ربما يكون الصالحون في ضيق مادي، ولكن صبرهم على الضيق المادي، يعدّ نجاحًا وانتصارًا على إبليس فما يرومه من كل أفعاله.
ولنأت بمثالين:
المثال الأول:
(قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ (71) قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا). (طه 71- 72).
إذن، قام فرعون بتعذيب السحرة التائبين بتلك الطريقة البشعة والصعبة، ولكنهم نجحوا في الاختبار، وأصبحوا قدوة في التوبة الصادقة، وخلّدهم القرآن الكريم إلى يوم القيامة، ولهم في الآخرة المقام الرفيع عند الله تعالى.
(فرعون نفسه شيطان، وأحد جنود إبليس الشيطان)، ولكن (كيد الشيطان كان ضعيفًا) ليس من حيث عدم تمكّن فرعون من إنزال عقوبته بأولئك السحرة. ولكن في خيبته وخسرانه. فهو أراد إرجاعهم إلى الكفر، ولكن إيمانهم ثبّتهم، ونجحوا ووصلوا إلى المقامات الإيمانية العالية، والحاصل: خاب إبليس فيما أراد الوصول إليه.
المثال الثاني:
قال الله عزّ وجلّ عن مؤمن آل فرعون (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ). (غافر – 45). ولكن هل المقصود أنه نجى ببدنه وأمواله مثلاً؟ كيف وقاه الله سيئات ما مكروا؟
روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا) فقال: أما لقد بسطوا عليه وقتلوه. ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه. (المصدر: الكافي 2: 215).
فانظروا كيف أنهم تسلّطوا عليه، وقتلوه، ولكن حيث أنّه قد نجح في الاختبار الإلهي، ونجا بدينه، ووصل إلى مقام القرب الإلهي، وهذا في المنظور القرآني هو الهدف الأسمى، وهو خيبة وخسران للشيطان وجنوده.
حقيقة التوكل على الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
من عجائب التنبؤات القرآنية
الشيخ جعفر السبحاني
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
الشيخ شفيق جرادي
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
إيمان شمس الدين
معنى (عول) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
(التّردّد) مشكلة التسويف، تكنولوجيا جديدة تساعد في التغلّب عليها
عدنان الحاجي
الموعظة بالتاريخ
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كلام عن إصابة العين (1)
الشيخ محمد هادي معرفة
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
محمود حيدر
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
محفّز جديد وغير مكلف يسرّع إنتاج الأوكسجين من الماء
حقيقة التوكل على الله
من عجائب التنبؤات القرآنية
فاطم حلّ نورها
محاضرة في مجلس الزّهراء للدّكتور عباس العمران حول طبّ الأطفال حديثي الولادة
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
(الكمال المزيّف) جديد الكاتبة سوزان آل حمود
لـمّا استراح النّدى
شتّان بين المؤمن والكافر