
أما هويّتها: فإنّه بيّن أنّ المرأة كالرجل إنسان، وأنّ كل إنسان ذكرًا أو أنثى فإنّه إنسان يشترك في مادّته وعنصره إنسانان ذكرٌ وأنثى، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ} (1) فجعل تعالى كلّ إنسان مأخوذًا مؤلّفًا من إنسانين ذكرٍ وأنثى هما معًا وبنسبة واحدة مادّة كونه ووجوده، وهو سواء كان ذكرًا أو أنثى مجموع المادّة المأخوذة منهما، ولم يقل تعالى: مثل ما قاله القائل: وإنّما أمّهات الناس أوعية. ولا قال مثل ما قاله الآخر: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا - بنوهن أبناء الرجال الأباعد. بل جعل تعالى كلًّا مخلوقًا مؤلّفًا من كلّ. فعد الكلّ أمثالًا، ولا بيان أتمّ ولا أبلغ من هذا البيان، ثمّ جعل الفضل في التقوى.
وقال تعالى: {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} (2) فصرّح أنّ السعي غير خائب والعمل غير مضيّع عند الله وعلّل ذلك بقوله: {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} فعبّر صريحًا بما هو نتيجة قوله في الآية السابقة: {إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى}، وهو أنّ الرجل والمرأة جميعًا من نوع واحد من غير فرق في الأصل والسنخ.
ثمّ بيّن بذلك أنّ عمل كلّ واحد من هذين الصنفين غير مضيّع عند الله لا يبطل في نفسه، ولا يعدوه إلى غيره، {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهينَة} (3)، لا كما كان يقوله الناس: إنّ عليهنّ سيئاتهنّ، وللرجال حسناتهنّ من منافع وجودهنّ...
وإذا كان لكلّ منهما ما عمل ولا كرامة إلا بالتقوى، ومن التقوى الأخلاق الفاضلة كالإيمان بدرجاته، والعلم النافع، والعقل الرزين، والخلق الحسن، والصبر، والحلم فالمرأة المؤمنة بدرجات الإيمان، أو المليئة علمًا، أو الرزينة عقلًا، أو الحسنة خلقًا أكرم ذاتًا وأسمى درجة ممّن لا يعادلها في ذلك من الرجال في الإسلام، كان من كان، فلا كرامة إلا للتقوى والفضيلة.
وفي معنى الآية السابقة وأوضح منها قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} (4)، وقوله تعالى: {وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ} (5) وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً} (6)
وقد ذمّ الله سبحانه الاستهانة بأمر البنات بمثل قوله وهو من أبلغ الذمّ: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ} (7) ولم يكن تواريهم إلا لعدّهم ولادتها عارًا على المولود له، وعمدة ذلك أنّهم كانوا يتصوّرون أنها ستكبر فتصير لعبة لغيرها يتمتّع بها، وذلك نوع غلبة من الزوج عليها في أمر مستهجن، فيعود عاره إلى بيتها وأبيها، ولذلك كانوا يئدون البنات وقد سمعت السبب الأوّل فيه فيما مرّ، وقد بالغ الله سبحانه في التشديد عليه حيث قال: {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}. (8)
وقد بقي من هذه الخرافات بقايا عند المسلمين ورثوها من أسلافهم، ولم يغسِل رينها من قلوبهم المربّون، فتراهم يعدّون الزنا عارًا لازمًا على المرأة وبيتها وإن تابت دون الزاني وإن أصرّ، مع أنّ الإسلام قد جمع العار والقبح كله في المعصيّة، والزاني والزانية سواء فيها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة الحجرات، الآية 13.
2- سورة آل عمران، الآية 195.
3- سورة المدّثر، الآية 38.
4- سورة النحل، الآية 97.
5- سورة غافر، الآية 40.
6- سورة النساء، الآية 124.
7- سورة النحل، الآية 59.
8- سورة التكوير، الآية 9.
حقيقة التوكل على الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
من عجائب التنبؤات القرآنية
الشيخ جعفر السبحاني
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
الشيخ شفيق جرادي
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
إيمان شمس الدين
معنى (عول) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
(التّردّد) مشكلة التسويف، تكنولوجيا جديدة تساعد في التغلّب عليها
عدنان الحاجي
الموعظة بالتاريخ
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كلام عن إصابة العين (1)
الشيخ محمد هادي معرفة
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
محمود حيدر
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
محفّز جديد وغير مكلف يسرّع إنتاج الأوكسجين من الماء
حقيقة التوكل على الله
من عجائب التنبؤات القرآنية
فاطم حلّ نورها
محاضرة في مجلس الزّهراء للدّكتور عباس العمران حول طبّ الأطفال حديثي الولادة
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
(الكمال المزيّف) جديد الكاتبة سوزان آل حمود
لـمّا استراح النّدى
شتّان بين المؤمن والكافر