من قلبِ مكّةَ حيثُ خطَّ نداهُ، وإلى مشارف كربلاءَ سُراهُ، يطوي الطريقَ بظعنِ آلِ مُحمّدٍ، والأرضُ تقرأُ للطفوفِ خُطاهُ، كالبدرِ يَحتضنُ الفلاةَ مَنازلًا، وتظلُّ ترتقبُ الجهاتُ ضياهُ، ولِأنّ في حُجُبِ الهوادجِ زينبًا، أرخَى بوارفةِ اللواءِ أخاهُ

شدّ الرّحال وفي يديه العشقُ، والنّور يرسم دربه والحقّ، ومضى رسولاً للضّياء مزمّلاً، بالغيب يكحل مقلتيه الشّوق، طيف الشّهادة واللّقاء بربّه، كم يخضران ويستطيل التّوق، لا شيء يوقف مدّ رحلته التي، فاضت فضاق بما تفيض الأفقrn

بطل المواقف والمعارف مسلمُ، وأخو الشّهامة والسّفير الملهم، علمٌ أطلّ على العراق مُظفَّرا، يدعو لسيّده الحسين ويعلمُ، يكفيه فخرًا أنه ثقة الهدى، وعلى يديه رؤى الرّسالة ترسم، ورث المفاخر عن أعاظم دوحة، هي باب حطّة والسّنام الأعظمrn

لبّى وطاف مع الحجيج وآبا، وأقام يقرأ منسكًا ومصابا، روحي فداه أحلّ من إحرامه، واختار للحجّ الطّفوف مآبا، وتلا بـ (خطّ الموت) مصحف وقعة، خطبًا يظلّ مدى الزّمان مهابا، بأبي المروع وهو أمنع جانبًا، لم يرع فيه الظالمون جناباrn

خرجَ الحسينُ وفي خُطاهُ حياةُ، وهناكَ ضَوءٌ صاعدٌ وصلاةُ، يمشي وتمشي خلفهُ قَصصُ الفِدا، وتزفُّ قافلةَ الهدى الآياتُ، يمشي إلى النّصرِ الأخيرِ مهاجراً، وبإثرِهِ تخضوضِرُ الرّاياتُ، يمشي ويمشي الموت خلفَ ركابِهِ، وتحفُّهُ خُطبٌ إلهياتُ

ناهضٌ عاشَ في هداهُ الرّسولا، وارتضَى منهجَ السّماءِ سبيلا، حاملًا من هُداهُ مُصحفَ وحيٍ، آذنتْ شمسُه النّجاةُ أُفولا، قد رأى الحقَّ يُستضامُ ويُنأى، يومَ أن أصبحَ الضّلالُ بديلا، وانمحتْ عنوةً ظلالُ نبيٍّ، قد وعتْها النّفوسُ جِيلًا فَجيلاrn

قادمٌ أنتَ والطّفوفُ سَماكا، ومنَ الدّمعِ قد خضبتَ ضِياكا، عُدتَ من كربلاءَ تنشرُ عَشرًا، وعلى الأرضِ قد نصبتَ لِواكا، وتَمدُّ الجهاتِ مأتمَ وَجدٍ، وعلى السّبطِ قد أقمتَ عَزاكاrn

تُطلُّ الرّزايا إنْ أطلَّ الـمُحرّمُ، ويُسجَرُ في أيّامهِ الدّمعُ والدّمُ، وتستقبلُ الدّنيا منَ الحزنِ مَوسمًا، مَلامِحُهُ من وقعةِ الطّفِّ تُرسمُ، وتَحياهُ كلُّ الأرضِ شَجوًا مآتمًا، فما بقعةٌ إلّا على السّبطِ مأتمُrn

عيدك الحب والولاء المصفى، يلمع العشق منه حرفًا فحرفا، عيدك العهد يا أعزّ وليّ، شاءه الله للنبوة إلفا، عيدك الشوق وابتهاج الحنايا، خاصرت خمرك المعتّق صرفا، لم يزل منذ كان وهو نديٌّ، يغمر الرّوح والمشاعر لطفا

.. وعادوا تقلّب أقدامهم على مثل نزّاعة للشّوى، ودارت رحى الشّمس فوق الرّؤوس وحرّ الهجير دنا واستوى، سراة على خطوات الرّسول كما يقتفي الجيش خفق اللّوا، حجيج وقد ودعوا مكّة وقد زمزموا عمرهم فارتوى

خُذْ يَا وَليُّ غَداةَ العِيدِ والطربِ، قَصِيدةً هِيَ للَأعدْاءِ كَالشُهُبِ،قصيدةً ما تَرى شِبْهاً لها أبداً، في شِعْرِ قَوْمِي وإِنْ أمْعَنْتَ فيِ الطَّلبِ، شَاهَتْ وُجُوه الأولى ما الفضلُ عِنْدَهُم،إلاَّ تفاخُرُ دارِ اللهوِ واللعبِ، وليسَ هذا بِأنِّي عَالِمٌ عَلَمٌ،بَلْ لاندراسِ رُسُومِ العِلْمِ وَالأَدَبِ

ذاك عليُّ الذي تفرُّدُهُ‏ في يوم خُمٍّ بفضله اتّضحا، إذ قال بين الورى وقامَ به‏ مُعتضداً في القيام مُكتشحا، من كنتُ مولاه فالوصيُّ لهُ‏ مولًى بوحيٍ من الإله وحى،‏ ذاك عليُّ الذي يقولُ له‏ جبريلُ يوم النزالِ مُمتدحا، لا سيفَ إلاَّ سيفُ الوصيِ‏ ولا فتىً سواهُ إنْ حاد فَدَحا، ذاك عليُّ الذي تراجع عن‏ فتحٍ سواه وسارَ فافتتحا