الشيخ محمد جواد مغنية
قال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}[النساء: 48].
من الأدلّة على أنَّ الله واحد، أنّه لو وجد إلهان، فلا يخلو: إمّا أن يكون أحدهما قادراً على تدبير العالم، وإمّا أن لا يكون، فإن كان قادراً، كان وجود الثاني عبثاً، ولزوم ما لا يلزم، وإن لم يكن قادراً، فلا يصلح للألوهيّة، لعجزه من جهة، وعدم الفائدة من وجوده من جهة ثانية .
وخير الأدلّة كلّها ما استدلّ به سبحانه على وحدانيّة ذاته بذاته، حيث قال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ الله رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}[الأنبياء: 22]. أي لو كان في السماء والأرض آلهة سوى الله لما استقامتا، ولفسد من فيهما وما فيهما، ولم ينتظم أمر من الأمور.
ذلك أنّه لو وجد إلهان، لكان كلّ منهما قادراً، ومن شأن القادر أن يكون مريداً ضدّ ما يريده الآخر. وعليه، فإذا أراد أحدهما خلق شيء، وأراد الآخر خلافه، فإمّا أن يحصل مرادهما معاً، فيلزم اجتماع الوجود والعدم، وهو محال، وإمّا أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر، فيكون هذا الآخر عاجزاً ومغلوباً على أمره، وبديهة أنّ العاجز لا يكون إلهاً .
وفي الآية 91 المؤمنون: {مَا اتَّخَذَ الله مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ}[المؤمنون: 91]...
وقال عليّ أمير المؤمنين لولده الحسن (ع): "واعلم يا بنيّ، أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله، ورأيت آثار ملكه وسلطانه، ولعرفت أفعاله وصفاته".
وتسأل: هل القول إنّ الله واحد، ولكنّه ذو أقانيم ثلاثة: أب وابن وروح القدس، هو من باب التّوحيد، أو من باب تعدّد الآلهة؟
الجواب: إنّ هذا يتوقّف على بيان المراد من الأقانيم، فإن أريد منها الصفات كالرّحمن والرّحيم، فهو من التوحيد، وان أريد منها الشّخص فهو من التعدّد.
قال سعيد الخوري الشرتوني في أقرب الموارد: "أقانيم جمع أقنوم، ومعناه الأصل والشّخص". وعلى هذا يكون من تعدّد الآلهة، لا من التّوحيد، ويؤيده أنّ لفظ الأب والابن، يستدعيان التعدد والتغاير في الشخص والذّات، إضافةً إلى أن الصور والتماثيل في المعابد الخاصّة للسيّدة العذراء (ع) تعبّر بوضوح عن التعدّد، لأنها تحمل بين يديها طفلاً يرمز إلى السيّد المسيح (ع).
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ}[النّساء: 49]. قال المفسِّرون: نزلت هذه الآية في اليهود، وسواء كان غرور اليهود هو السّبب لنزول هذه الآية، أو لم يكن، فإنها أصدق صورة عن مزاعمهم وادّعاءاتهم التي لا مثيل لها في الكذب والافتراء، مثل قولهم: نحن أبناء الله وأحباؤه، وقولهم: لن يدخل الجنّة إلا من كان هوداً .
وقولهم: نحن شعب الله المختار، أي أنّ الله لهم وحدهم، وأنّه خلق الناس جميعاً عبيداً لهم.. ولم يكتفوا بهذا، حتى دفعهم الجهل والغرور إلى القول: إنَّ الله فقير ونحن أغنياء .
أجل، لا أحد أغنى وأقدر منهم إطلاقاً على الاختلاق، والتمويه، والتزوير، فبالأمس القريب أشاعوا وأذاعوا، وملأوا الشّرق والغرب صراخاً وعويلاً أنّ العرب يعدون العدة للهجوم عليهم، في حين كانوا ومن يساندهم من دول الاستعمار يبيّتون المكر والغدر، ويدبّرون عملية الاغتيال والهجوم على العرب، وبعد أن أحكموا الخطّة، نفّذوها على حين غرّة، واقترفوا من المظالم والمآثم ما أنسى النّاس أعمال هتلر وجنكيز خان .
هذه صورة مصغَّرة من مزاعم اليهود، ذكرناها على سبيل المثال، لا الحصر والإحصاء. وهل تحصى مزاعم إسرائيل الكاذبة، وفضائحها الآثمة؟!
وتسأل: إذا كانت هذه هي حال إسرائيل، فكيف استطاعت أن تقيم دولة مضى عليها أكثر من عشرين عاماً حتى الآن؟!
الجواب: إنّ دول الاستعمار هي التي صنعت إسرائيل لحماية مصالحها في الشّرق، وليس لليهود من الدولة إلا الاسم، أمّا بقاؤها إلى اليوم، فلبقاء الاستعمار الذي ضرب عليها خيمة من الأوكسجين، وهو في طريقه إلى الزوال، وإن طال الزمن، وبديهة أنّ صنيع الشّيء يزول بزواله .
وإن سألت كيف سلَّط الله الطغاة الكافرين على عباده الموحِّدين؟ تجد الجواب في فقرة «نكسة 5 حزيران» عند تفسير الآية 138 من سورة آل عمران .
{بَلِ الله يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}[النساء: 49]، لا من يشهد لنفسه بنفسه. وبديهة أن الله سبحانه لا يزكّي إلا من تشهد له أفعاله بالتزكية.. والآية، وإن نزلت في اليهود، فإنها تشمل كلّ من يزكّي نفسه، لأنّ اللّفظ عام، والعبرة بعموم اللّفظ، لا بسبب النزول.. وقد أثبتت التجارب أن ما من أحد يزكّي نفسه إلا لجهله وغروره، أو لنقص فيه يحاول إخفاءه، ولكن بشهادة غير مقبولة، حتى عند نفسه، لأنّه يعلم كذبها .
{انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ}، بقولهم: نحن شعب الله المختار وأبناء الله وأحبّاؤه وما إلى ذلك. {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}[طه: 61].
حيدر حب الله
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
السيد جعفر مرتضى
محمود حيدر
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ محمد صنقور
عدنان الحاجي
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ حسين مظاهري
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
ليس كمثله شيء
إضعاف الذّكاء مسؤوليّة من؟
الاثنا عشريّة وأهل البيت عليهم السلام (3)
العوامل المساعدة على انتصار الإسلام وانتشاره (3)
العقل بوصفه اسمًا لفعل (1)
مسؤوليتنا في زمان صاحب الزمان
الغاية من طلب سليمان ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده
لكي لا نصبح أعداءً للإمام المهديّ!
(ملاك) الرّواية الثّانية لعبدالعظيم الضّامن
بالإيحاء.. كان الوجود كلّه (4)