المترجم: عدنان أحمد الحاجي
خلال شهر رمضان، يمتنع المسلمون عن الطعام والشراب من الفجر إلى الليل. غالبًا ما يؤدي هذا الإيقاع الفريد إلى تغييرات في أنماط النوم [الأرق وقلة النوم ليلًا وكثرة النوم نهارًا] (1). مع قصر الليل والانشغال بالصيام في النهار، يجد الكثير من المسلمين أنفسهم يعانون من التعب (2) وانخفاض في مستوى اليقظة [التنبه والاستعداد لحالة الخطر] (3) - وقد تعطي قيلولة جيدة التوقيت (طول وقتها جيد) (4) دفعة يحتاج إليها مثل هؤلاء.
أثبتت دراسة منشورة مؤخرًا (5) عن الرياضيين الصائمين في شهر رمضان أن قيلولة نهارية لمدة 40 دقيقة بعد الظهر في اليوم التالي من القيام بتمرين ليلي شاق يمكن أن تحسن بشكل كبير من الأداء البدني والإدراكي. وفي الدراسة التي أجريت على لاعبي كرة القدم (6)، كان أداء الذين خضعوا لتمرين المسافة القصيرة على خفة الحركة واختبارات الانتباه، أفضل من أداء أولئك الذين لم يأخذوا قيلولة نهارية.
لذا، لماذا للقيلولة مثل هذا التأثير التحويلي [القدرة على التغيير وذلك بجعل حياة المرء مختلفة أو أفضل] في مستويات طاقتنا؟
الأساس العلمي للقيلولة (7)
القيلولة تعطي الدماغ والجسم فرصة للراحة. عندما يكون المرء مستيقظًا لفترات طويلة - خاصة تحت ضغط أوقات الوجبات التي تتغير أوقاتها عادةً بسبب الصيام وقلة النوم في الليل - يراكم الدماغ ضغط النوم [ضغط النوم يتناسب طرديًّا مع طول فترة الاستيقاظ أو عدم النوم (8)].
القيلولة، خاصة بعد الظهر مباشرة عندما يعاني الكثيرون من الانخفاض الطبيعي في اليقظة (التنبه)، يمكن أن تخفف من هذا الضغط المتراكم وتحسن المزاج، وتحسن وقت الاستجابة أو ردة الفعل (9)، وحتى قدرة التحمل البدني. أثبتت إحدى الدراسات (10) التي تشرت في 2024، على سبيل المثال، أن قيلولة مدتها 40 دقيقة لم تقلّل فقط من الشعور بالنعاس، ولكن أيضًا أدت إلى تحسين الأداء في المهام التي تتطلب التركيز والتفكير السريع. في حين وجدت دراسة (11) أجريت عام 2025 على النساء اللاتي يمارسن الرياضة، أن قيلولة مدتها 40 دقيقة وحتى 90 دقيقة عززت من أدائهن البدني وحسنت من مزاجهن بعد ليلة من النوم المحدود.
لكن الأمر ليس كله أخبارًا جيدة للمعتادين على القيلولة [القائلين. بحسب اللفظ القرآني في آية 4 من سورة الأعراف]. بالرغم من أن قيلولة أطول من ذلك، لها في بعض الأحيان فوائد عظيمة، إلا أنها قد تؤدي أيضًا إلى حالة ترنح مؤقت - وهي ظاهرة تُعرف باسم خمول النوم أو ثمالة النوم (12، 13) - والتي يمكن أن تبطل الآثار الإيجابية للنوم إن لم تُدَرْ بشكل صحيح.
ولكن هناك أدلة على أن التعرض لضوء ساطع وغسل الوجه يمكن أن يساعد في القائلين (الذين يأخذون قيلولة) على التخلص من آثار خمول النوم. أما بالنسبة للبعض، بالرغم من ذلك، يمكن أن يستمر خمول النوم لفترة طويلة بما يكفي للتأثير في الإنتاجية وسوء المزاج وضعف الأداء العام.
حين يتعلق الأمر بطول مدة القيلولة وتوقيتها، فإن المهم هو البحث عن "المستوى الأمثل لكل منهما". يمكن أن تحسن القيلولة القصيرة - لحوالي 20 إلى 30 دقيقة - اليقظة (التنبه) دون أن تتسبب في خمول النوم. من ناحية أخرى، فقد تبين أن القيلولة لفترة أطول، مثل تلك التي تستمر 40 دقيقة أو أطول، تعزز الأداء الذهني والبدني على حد سواء، ولكن يجب أن تُجدول القيلولة بعناية لتجنب التأثير السلبي على النوم الليلي (14).
متى تكون القيلولة مفيدة؟ ومتى لا تكون كذلك؟
خلال شهر رمضان، حين يعتاد الجسم بالفعل على جدول نوم متأخر (15)، قد تكون قيلولة مجدولة بعناية، مفيدة بشكل خاص، ويمكن أن تكون بمثابة جبر للضعف في جودة وقلة النوم المصاحبة للصيام أحيانًا. بيد أنه إذا أخذت في وقت متأخر من النهار، فقد تؤخر بداية دورة النوم الليلية العادية، مما يؤدي إلى إرباك في مراحل النوم (16).
ولكن عندما تؤخذ القيلولة في الوقت المناسب، يمكن أن تكون أداة قيمة لتعزيز مستوى اليقظة (التنبه) وتحسين المزاج وحتى الأداء البدني - وهي فوائد لها علاقة وثيقة بشكل خاص بشهر رمضان.
في النهاية، يجب أن يسترشد قرار التعود على أخذ قيلولة يومية بأسلوب حياة الشخص وجودة نومه وأهدافه الصحية العامة. بالنسبة للكثيرين، فإن قيلولة لفترة متوسطة الطول ليست مجرد عادة صحية، ولكنها أيضًا ميزة استراتيجية في إدارة التحديات اليومية - سواء خلال صيام شهر رمضان أم ببساطة للاستفادة القصوى من يوم محموم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1389945724003800?via=ihub
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/يقظة_(طب)
4- https://casper.com/blogs/article/best-nap-length
5- https://www.tandfonline.com/doi/permissions/10.1080/15438627.2024.2442740?scroll=top
6- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC9982537/
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/قيلولة
8- https://www.cdc.gov/niosh/work-hour-training-for-nurses/longhours/mod2/11.html
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/قياس_زمن_الأحداث_النفسية
10- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S1389945724001084
11- https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/02640414.2025.2464440
12- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC6710480/
13- https://thmanyah.com/post/23250_1jhggnmybp
14- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1389945717300862?via=ihub
15- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC9478032/
16- https://altibbi.com/مصطلحات-طبية/صحة-عامة/دورة-النوم
المصدر الرئيس
https://theconversation.com/ramadan-why-napping-might-be-especially-beneficial-during-fasting-251683
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يد الإمام الكاظم (ع)
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (3)
هل نحتاج أن نقرأ لنتعلّم أم يكفي الاستماع؟ ماذا يقول علم الأعصاب؟
اختتام النّسخة العاشرة من حملة التّبرّع بالدّم (دمك حياة)
الإمام الكاظم (ع) في مواجهة الحكّام العبّاسيّين
السّيّدة رقيّة: اليتيمة الشّهيدة
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله