قال تعالى : {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [البقرة: 17، 18].
إن ظلمة المنافقين وحياتهم الخاوية من الضياء، التي صبت في الآية مورد البحث في قالب التمثيل. قد بينت في موضع آخر من دون تمثيل، فالقرآن الكريم يقسم الناس يوم القيامة إلى صنفين: الصنف الأول: هم المؤمنون والمؤمنات الذين يتقدمهم نورهم ويسطع أمامهم ليضيء لهم طريق الجنة، ثم يبشرهم في نهاية الطريق كذلك بالخلود في الجنة: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الحديد: 12].
أما الصنف الثاني: فهم المنافقون والمنافقات الذين يغوصون، في ذلك اليوم، في ظلمات ويقولون للمؤمنين: انظروا إلينا أو انتظرونا كي ننتفع من نوركم. لكن المؤمنين لا يعيرونهم من الأهمية الكثير و لا يجيبونهم، إلا ان هاتفًا يأتي قائلاً لهم: ارجعوا إلى ما وراء نشأة الآخرة، أي إلى الدنيا، فالتمسوا هناك نوراً؛ لأن محل اكتساب النور كان هو الدنيا: { يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ} [الحديد: 13]، ولما كان الرجوع من الآخرة إلى الدنيا محالاً؛ لأن أساس الدنيا قد محي بشكل كامل وطويت صفحتها وبدلت الدنيا بالآخرة، فالمراد من الرجوع هنا هو أن تحصيل النور لم يكن ممكناً إلاً في الدنيا، أما الآن فقد فات أوانه.
في الآية الأولى من الآيتين محطّ البحث أشير إلى قضية حرمان المنافقين من النور الإلهي الخاص بعبارة: (تركهم في ظلمات لا يبصرون)، وفي الآية الثانية بعبارة: (صم بكم عمي) وليست الجملة الثانية تكراراً للأولى؛ إذ إن انعدام الرؤية عند الإنسان يكون إما بسبب ظلمة المحيط، أو نتيجة للعمى، وإن عدم رؤية المنافق للدّرب راجع إلى حرمانه من الاثنين؛ من النور الذي ينير له دربه، ومن العين المبصرة.
إذن، فحتى لو وجد النور فلن يبصر طريقه لعمى قلبه، فلا فرق بين النور والعتمة عند الأعمى. فالكلام في الآية الأولى حول ظلمة المحيط، والحديث في الآية الثانية حول عماهم.
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ علي رضا بناهيان
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
سورة الناس
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يد الإمام الكاظم (ع)
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (3)
هل نحتاج أن نقرأ لنتعلّم أم يكفي الاستماع؟ ماذا يقول علم الأعصاب؟
اختتام النّسخة العاشرة من حملة التّبرّع بالدّم (دمك حياة)
الإمام الكاظم (ع) في مواجهة الحكّام العبّاسيّين
السّيّدة رقيّة: اليتيمة الشّهيدة
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (2)