
الفساد يقابله الإصلاح، ويطلق على كلّ عمل تخريبي، ويقول الراغب في مفرداته: «الفساد خروج الشيء عن الاعتدال قليلاً كان أو كثيراً، ويضادّه الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة» وعلى ذلك فكلّ عمل فيه نقص، وكلّ إفراط وتفريط في المسائل الفردية والاجتماعية هو مصداق للفساد!
وفي كثير من موارد القرآن الكريم ذكر الفساد في مقابل الإصلاح {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} [الشعراء : 152]، وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة : 220]، وقوله تعالى: {وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف : 142].
كما ذكر الإيمان والعمل الصالح في مقابل الفساد، وحيث يقول جلّ وعلا: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ} [ص : 28].
ومن جانب آخر ذكر الفساد، مع كلمة «في الأرض» في كثير من آيات القرآن الكريم نحو عشرين آية ونيّف، وهي توضّح الجوانب الاجتماعية للمسألة.
ومن جانب ثالث ذكر الفساد والإفساد مع ذنوب أخرى، ويحتمل أن يكون مصداقاً لها، وبعض هذه الذنوب كبيرة وبعضها الآخر أصغر فمثلاً قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة : 33] وقوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} [البقرة : 205]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [البقرة : 27]، وقوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} [القصص : 83] ومرّةً يعتبر فرعون من المفسدين، وأثناء توبته عند غرقه في النيل يقول: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس : 91].
وقد استعمل «الفساد في الأرض» تعبيراً عن السرقة كما في قصّة يوسف (عليه السلام) {تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [يوسف : 73] ومرّة أخرى كناية عن قلّة البيع، كما في قصّة شعيب حيث نقرأ قوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [هود : 85]
وأخيراً استخدم القرآن الكريم الفساد في التعبير عن اضطراب النظام الكوني {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء : 22].
نستفيد من مجموع هذه الآيات أنّ الفساد ـ بشكل عامّ ـ أو الفساد في الأرض، له معنىً واسع جدّاً، بحيث يشمل أكبر الجرائم مثل جرائم فرعون وسائر الطواغيت، كما يشمل الأعمال الأقل إجراماً منها مثل بخس الناس أشياءهم، ويشمل كذلك أي خروج عن حالة الاعتدال، وبالنظر إلى أنّ العقوبة يجب أن تكون مطابقة للجريمة يتّضح لنا أنّ كلّ مجموعة من هؤلاء المفسدين لها عقوبة معيّنة وجزاء خاص.
ونرى في الآية (33) من سورة المائدة التي ذكرت «الفساد في الأرض مع محاربة الله ورسوله» أنّ هناك أربع عقوبات ويجب على الحاكم الشرعي أن يختار العقوبة المناسبة على مقدار الجريمة (القتل ـ الصلب ـ قطع الأيدي والأرجل ـ النفي) كما بيّن فقهاؤنا في كتبهم شروط وحدود المفسد في الأرض وعقوباته.
ولأجل أن نجتثّ هذه المفاسد، يجب أن نستخدم الوسائل الكافية في كلّ مرحلة من مراحلها، ففي المرحلة الأولى نستخدم أسلوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن طريق النصائح والتذكير، ولكن إذا ما استوجب الأمر نستعمل الشدّة حتّى لو أدّى ذلك إلى القتال.
وبالإضافة إلى ما أشرنا إليه، فإنّ الجملة {وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} [البقرة : 27] ترشدنا إلى هذه الحقيقة في حياة المجتمع الإنساني، وهي أنّ الفساد الاجتماعي لا يبقى في مكان معيّن ولا يمكن حصره في منطقة معيّنة، بل ينتشر بين أوساط المجتمع وفي كافّة بقاع الأرض ويسري من مجموعة إلى أخرى.
ويستفاد من الآيات القرآنية أنّ واحدةً من أهداف بعثة الأنبياء هو إنهاء حالة الفساد في الأرض (في معناه الواسع) كما نقرأ في سورة هود الآية (88) قول النّبي شعيب (عليه السلام) {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ } [هود : 88]
(التّردّد) مشكلة التسويف، تكنولوجيا جديدة تساعد في التغلّب عليها
عدنان الحاجي
معنى (ملأ) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
سيّدة الكساء
الشيخ شفيق جرادي
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (1)
إيمان شمس الدين
الموعظة بالتاريخ
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كلام عن إصابة العين (1)
الشيخ محمد هادي معرفة
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
محمود حيدر
مجلس أخلاق
الشيخ حسين مظاهري
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الزهراء: مناجاة على بساط الشّوق
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
(التّردّد) مشكلة التسويف، تكنولوجيا جديدة تساعد في التغلّب عليها
معنى (ملأ) في القرآن الكريم
برونزيّة للحبارة في مهرجان (فري كارتونز ويب) في الصّين
الزهراء: مناجاة على بساط الشّوق
سيّدة الكساء
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (1)
شعراء خيمة المتنبّي في الأحساء في ضيافة صالون قبس في القاهرة
(الثّقافة للشّباب) جديد الكاتب مهدي جعفر صليل
العدد الأربعون من مجلّة الاستغراب
الموعظة بالتاريخ