الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ..
قال تعالى : { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس : 81 - 83] .
المقصود من المعاد الجسماني ليس إعادة الجسم وحده في العالم الآخر ، بل إنّ الهدف هو بعث الروح والجسم معاً ، وبتعبير آخر فإنّ عودة الروح أمر مسلّم به ، والحديث حول عودة الجسم.
جمع من الفلاسفة القدماء كانوا يعتقدون بالمعاد الروحي فقط ، وينظرون إلى الجسد على أنّه مركّب ، يكون مع الإنسان في هذه الدنيا فقط ، وبعد الموت يصبح الإنسان غير محتاج إليه فينزل الجسد ويندفع نحو عالم الأرواح.
ولكن العلماء المسلمين الكبار يعتقدون بأنّ المعاد يشمل الروح والجسم ، وهنا لا يقيّد البعض بعودة الجسم السابق ، ويقولون بأنّ الله قيّض للروح جسداً ، ولكن شخصيّة الإنسان بروحه فإنّ هذا الجسد يعدّ جسده.
في حال أنّ المحقّقين يعتقدون بأنّ هذا الجسد الذي يصبح تراباً ويتلاشى ، يتلبّس بالحياة مرّة أخرى بأمر الله الذي يجمعه ويكسوه بالحياة ، هذه العقيدة نابعة من متون الآيات القرآنية الكريمة.
إنّ الشواهد على المعاد الجسماني في الآيات القرآنية الكريمة كثيرة جدّاً ، بحيث يمكن القول قطعاً بأنّ الذين يعتقدون باقتصار المعاد على المعاد الروحي فقط لا يملكون أدنى اطّلاع على الآيات العديدة التي تبحث في موضوع المعاد ، وإلاّ فإنّ جسمانية المعاد واضحة في الآيات القرآنية إلى درجة تنفي أدنى شكّ في هذه المسألة.
فهذه الآيات التي قرأناها في آخر سورة يس ، توضّح هذه الحقيقة حيث حينما تساءل الإنسان : {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس : 78] أجابه القرآن بصراحة ووضوح : {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس : 79]
إنّ كلّ تعجّب المشركين والمخالفين لمسألة المعاد هو هذه القضيّة ، وهي كيف يمكن إحياؤنا بعد الموت وبعد أن نصبح تراباً متناثراً وضائعاً في هذه الأرض؟ {وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ} [السجدة : 10]
إنّهم يقولون : {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [المؤمنون : 35]
وتعجّبوا من هذه المسألة إلى درجة أنّهم اعتبروا إظهارها دليلًا على الجنون أو الكذب على الله {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سبأ : 7]
لهذا السبب فإنّ استدلالات القرآن الكريم حول إمكانية المعاد عموماً تدور حول هذا المحور وهو «المعاد الجسماني» ......
علاوةً على أنّ القرآن الكريم يذكر مراراً وتكراراً بأنّكم ستخرجون يوم القيامة من قبوركم والقبور مرتبطة بالمعاد الجسماني.
والأوصاف التي يذكرها القرآن الكريم عن المواهب المادية والمعنوية للجنّة ، كلّها تدلّل على أنّ المعاد معاد جسمي ومعاد روحي أيضاً ، وإلاّ فلا معنى للحور والقصور وأنواع الأغذية والنعيم في الجنّة إلى جنب المواهب المعنوية.
على كلّ حال ، فلا يمكن أن يكون الإنسان على جانب يسير من المنطق والثقافة القرآنية وينكر المعاد الجسماني. وبتعبير آخر : فإنّ إنكار المعاد الجسماني بنظر القرآن الكريم مساو لإنكار أصل المعاد.
علاوةً على هذه الأدلّة النقلية ، فإنّ هناك أدلّة عقلية بهذا الخصوص لو أردنا إيرادها لاتّسع البحث كثيراً ، لا شكّ أنّ الاعتقاد بالمعاد الجسماني سيثير أسئلة وإشكالات كثيرة ، منها شبهة الآكل والمأكول والتي ردّ عليها العلماء الإسلاميون والتي أوردنا تفصيلا عنها بشكل مختصر في المجلّد الثاني عند تفسير الآية (260) من سورة البقرة.
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
حيدر حب الله
الشيخ باقر القرشي
إيمان شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ حسين الخشن
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الذّكر والتّقوى، أمان وقوّة
حين تضيع القيَم!
تفسير سورة الفاتحة
حقيقة بكاء السماء والأرض في القرآن الكريم
كتاب جديد بعنوان: أوضح البيان في حقيقة الأذان
أحلام المشهدي تشارك في معرض ثلاثيّ في الأردن
الإمام الرضا عليه السلام: 19 عاماً من الجهاد
من بحوث الإمام الرّضا (ع) العقائديّة (3)
الشّيخ صالح آل إبراهيم: كيف تنقذ زواجك من الانهيار؟
التسارع والتباطؤ وإنتاج المعارف (4)