الشيخ محمد صنقور
الآية تنفي القدرة على المساواة في المودة:
الآية المباركة تنفي القدرة على المساواة بين الزوجات في المودة والحب، فليس بمقدور أحدٍ عنده أكثر من زوجة أنْ يساوي بينهما في الميل القلبي، ذلك لأنَّ الميل النفساني أمر خارج عن الاختيار، وهذا هو معنى قوله تعالى:﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء﴾.
ثم إنَّ الآية المباركة نهت عن ترتيب الأثر العملي على الميل النفساني، ذلك لأنَّ الأثر العملي أمر مقدور للإنسان، فهو يستطيع أن يساوي بين زوجتيه في المعاملة حتى وإن ْكان ميله النفسي لإحداهما أكثر من الأخرى، فالفقرة الثانية من الآية المباركة تنهى عن الظلم وعدم التسوية في المعاملة كالنفقة والمخالطة والمعاشرة والبيتوتة والقسمة، وتنهى عن التمييز في الاعتناء بأن يرعى إحدى زوجتيه ويترك الأخرى معلَّقة وكأنه لا زوج لها، فلا هي تحظى بحقوق الزوجة ولا هي مطلَّقة تتأمل أنْ يتزوَّجها رجل آخر فيرعى حقوقها.
هذا وقد أفادت الروايات الواردة عن النبي(ص) وأهل بيته(ع)(2)ما شرحناه من أنَّ المراد من عدم القدرة على العدل هو عدم القدرة على التسوية في المودة والميل النفسي وأنَّ المنهيَّ عنه هو عدم التسوية في المعاملة بين الزوجات.
فقد ورد عن النبي(ص) أنَّه كان يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: "هذه قسمتي فيما أملك فلا تأخذني فيما تملك ولا أملك"(3)، فما لا يملكه النبي(ص) بوصفه من البشر هو التسوية بين نسائه في المحبَّة، فهو يحبُّ بعض نسائه أكثر من حبِّه للبعض الآخر إلا أنَّ الذي يملكه هو المساواة بينهنَّ في المعاملة والمخالقة والقسمة والنفقة، لذلك كان في منتهى العدل معهنَّ جميعاً.
الجمع بينها وبين قوله ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ﴾:
وبما ذكرناه يتضح معنى قوله تعالى:﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾(4) فالمراد من الأمر بالاكتفاء بالواحدة حين الخوف من عدم العدل هو عدم العدل في النفقة والقسمة وسائر شئون المعاشرة بالمعروف، فإنَّ الإنسان قد يكون قادراً على ذلك، وقد لا يكون قادراً، فمن كان قادراً على المساواة والعدل في المعاشرة والنفقة كان له ان يتزوج بأكثر من زوجة، ومن كان يخشى عدم القدرة على العدل في المعاملة فالاجدر به أنْ لا يتزوج إلا واحدة.
وأما الآية التي نحن بصدد بيانها فالمراد من عدم الاستطاعة على العدل هو عدم الاستطاعة على التحكُّم في المشاعر حيث لا اختيار للإنسان فيما يحب وفي مستوى ما يُحب.
وأما ما ورد في عقوبة مَن يَظلم إحدى زوجتيه ولا يساوي بينها وبين الأخرى في المعاملة فروايات عديدة.
منها ما روي عن النبي(ص): (من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل)(5).
________________________________________
1- سورة النساء آية رقم 129.
2- الكافي- الشيخ الكليني- ج5 ص362، وسائل الشيعة (آل البيت)- الحر العاملي- ج21 ص345 باب 7 من أبواب القسم والنشوز ح1، تفسير العياشي- محمد بن مسعود العياشي- ج1 ص279، تفسير القمي- علي بن إبراهيم القمي- ج1 ص155.
3- تفسير جوامع الجامع- الشيخ الطبرسي- ج1 ص447، سنن الترمذي- الترمذي- إلا انه روى انَّه قال: (فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) ج2 ص304.
4- سورة النساء آية رقم 3.
5- زبدة البيان- المحقق الأردبيلي- ص538، رواه أحمد في مسنده إلا انه ذكر (وأحد شقيه ساقط).
الشيخ محمد مهدي الآصفي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
حيدر حب الله
الشيخ باقر القرشي
إيمان شمس الدين
السيد محمد حسين الطهراني
الشيخ حسين الخشن
عدنان الحاجي
الشيخ علي رضا بناهيان
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
الذّكر والتّقوى، أمان وقوّة
حين تضيع القيَم!
تفسير سورة الفاتحة
حقيقة بكاء السماء والأرض في القرآن الكريم
كتاب جديد بعنوان: أوضح البيان في حقيقة الأذان
أحلام المشهدي تشارك في معرض ثلاثيّ في الأردن
الإمام الرضا عليه السلام: 19 عاماً من الجهاد
من بحوث الإمام الرّضا (ع) العقائديّة (3)
الشّيخ صالح آل إبراهيم: كيف تنقذ زواجك من الانهيار؟
التسارع والتباطؤ وإنتاج المعارف (4)