الشيخ جوادي آملي
إنّ سورة الحمد المباركة الّتي هي أوّل سورة في كتاب الله تبدأ بالآية الكريمة: ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم﴾ المتضمّنة لاسم الذات وبعض الأسماء والصفات الإلٰهيّة.
وعليه فإنَّ (بسم الله) قد جاءت في بداية السورة وفي بداية الكتاب الإلٰهيّ أيضاً، وبهذا النحو يعلّمنا الله سبحانه الأدب الدينيّ لدىٰ الدخول في العمل والابتداء به.
والنبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) أيضاً يقول في مقام بيان هذا الأدب الدينيّ: «كلّ أمر ذي بال لم يُبدأ فيه باسم الله فهو أبتر»[1].
والأبتر معناه (منقطع الآخر) والّذي لا نتيجة له، وحيث إنّ الفاعل يرجو أن يحقّق هدفه في نهاية عمله، فالعمل الّذي لايحقّق هدفه عمل أبتر.
ولهذا فإنّ الفطنة والذكاء الّذي لا يستعمل في طريق الحق، حيث إنّه لا يصل إلىٰ هدفه الحقيقيّ الأصيل، يقال له «فِطانة بتراء».
وابتداء العمل «باسم الله» إشارة لطيفة ورمزيّة إلىٰ وجوب أن يكون الفعل حقّاً والفاعل مخلصاً، أي الجمع بين «الحُسن الفعلي» و«الحُسن الفاعلي».
وعلىٰ هذا فإنّ العمل الّذي يمكن الابتداء فيه باسم الله هو العمل الّذي يتمتّع بالحُسن الفعلي والحسن الفاعليّ أيضاً، يعني أن يكون حقّاً ويكون أيضاً منبعثاً من قلب طاهر ونيّة خالصة.
والعمل الفاقد لهاتين الصفتين أو إحداهما هو غير قابل للابتداء باسم الله ولا يحقّق هدفه أيضاً، لأنّ العمل الباطل ينتهي إلىٰ الباطل.
إذاً فلأجل أن يبلغ العمل غايته الحقيقيّة والأصيلة وهي الحقّ ولأجل أن يكون محفوظاً من الفشل والخيبة الّتي هي آفة العمل يجب أن يبتدئ العمل باسم الله وبالحقّ، ولذلك يعلّم الله سبحانه نبيّه الأكرم أن يسأله التوفيق للدخول في العمل صادقاً والخروج منه منتصراً ناجحاً... ﴿وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْق...﴾[2] فالإنسان إذا دخل في العمل بسم الله وحافظ علىٰ ذلك حدوثاً وبقاءً فإنّه لايتوقّف وسط الطريق: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَهُ مَخْرَجاً ٭ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِب﴾.[3]
والله سبحانه يعلّمنا في هذه السورة أنّه حتّىٰ الحمد والعبادة إذا لم تبدأ باسم الله، فهي علىٰ الرغم ممّا فيها من حسن فعليّ تكون بتراءَ لأنّها فاقدة للحسن الفاعليّ.
وفي الثقافة الدينيّة، كما يسند العمل الأبتر والفاشل إلىٰ الفعل كما في حديث النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) المذكور فإنّه يسند إلىٰ الفاعل أيضاً كما في قوله تعالىٰ: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَر﴾.[4] يعني الإنسان المفسد الّذي يعمل الباطل وهو الّذي فيه (قبح فعلي) و(قبح فاعلي) فهو أبتر ولن يصل إلىٰ مقصده أبداً.
وليس المقصود من كون الفاعل أبتر هو انقطاع النسل فحسب، فإنّ المصيبة الأليمة هي أنّ الإنسان لا يحقّق غرضه الأصلي من هذه الحياة ولا يبلغ هدفه الحقيقي الّذي خُلق من أجله، وإلاّ فإنّ العقم وانقطاع النسل لا يعدّ فجيعة لاسيّما في عالم الآخرة الّذي لا دور فيه للعلاقات النسبيّة: ﴿فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذ﴾[5] وكلّ إنسان هناك يحلّ ضيفاً علىٰ عقائده وأخلاقهِ وأعماله.
وخلاصة القول هي أنّ الله سبحانه بواسطة ابتداء كتاب الوحي باسمه يعلّمنا أدب الدين عند ابتداء الأعمال.
ــــــــ
[1] . بحار الانوار، ج73، ص305؛ أيضاً راجع كتاب الدرّ المنثور، ص26، مع قليل من الاختلاف.
[2] . سورة الاسراء، الآية 80.
[3] . سورة الطلاق، الآيتان 2 و3.
[4] . سورة الكوثر، الآية 3.
[5] . سورة المؤمنون، الآية 101.
عدنان الحاجي
حيدر حب الله
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
الاستعداد للسفر الطويل في مواعظ الإمام الحسن (ع)
الشّباب والعافية
أضرار سكر الإريثريتول الصناعي
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (4)
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (2)
(كائنات المجاز) ديوان شعريّ للشّاعر علي الدّندن
(المشكلة الاجتماعيّة، دراسة إبستيمولوجية) جديد الدكتور حسن العبندي
المجتبى: نعش على قارعة السّهام
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس