لم يقصر القرآن الكريم إطلاق لفظ "الصلاة" على الصلوات الخمس المفروضة؛ بل أطلقه عليها وعلى غيرها، كما لم يقصر التعبير عن الصلاة المفروضة على لفظ "الصلاة" وحدها، بل عبَّر عن الصلاة المفروضة بألفاظ أخرى غير لفظ "الصلاة" وكان مراداً به عِدَّة معانٍ:
المعنى الأول: جاءت الصلاة بمعنى الدعاء في قوله تعالى: ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾1 ، أي: ادع لهم.
والمعنى الثاني: فقد جاءت فيه بمعنى الاستغفار، وذلك في قول الله تعالى: ﴿وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾2 ، وصلوات الرسول: استغفاره لهم.
الثالث: بمعنى بيوت الصلاة كما في قوله عزّ وجلّ: ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾3 .
والمعنى الرابع: جاءت فيه بمعنى الإسلام كقوله سبحانه: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾4 . أي: ولا أسلم.
والمعنى الخامس: جاءت الصلاة فيه بمعنى الدين كقول الملأ لنبي الله شعيب عليه السلام: ﴿يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾5 .
وفي المعنى السادس: أتت الصلاة بمعنى القراءة كما قال الباري: ﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً﴾6 أي بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسبّوا القرآن.
وفي المعنى السابع: أتت بمعنى الصلاة الشرعية، أو الصلوات الخمس، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾7.
وفي المعنى الثامن: جاءت الصلاة بمعنى صلاة الأنبياء والأمم الماضية، كقول المسيح عليه السلام: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ 8، وقول الله تعالى واصفاً حال نبيّه إسماعيل عليه السلام: ﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾9 .
كان هذا بالنسبة لإطلاق لفظ الصلاة في القرآن الكريم على معانٍ متعدّدة، ومنها المعنى الشرعي.
ـــــــــــــــ
1 سورة التوبة، الآية 103.
2 سورة التوبة، الآية 99.
3 سورة الحج، الآية 40.
4 سورة القيامة، الآية 31.
5 سورة هود، الآية 87.
6 سورة الإسراء، الآية 110.
7 سورة البقرة، الآية 3.
8 سورة مريم، الآية 31.
9 سورة مريم، الآية 55.
الشيخ شفيق جرادي
الشيخ جعفر السبحاني
عدنان الحاجي
الشيخ فوزي آل سيف
حيدر حب الله
الشيخ محمد صنقور
الشيخ حسين الخشن
السيد عباس نور الدين
الشيخ علي آل محسن
الشيخ مرتضى الباشا
حسين حسن آل جامع
حبيب المعاتيق
ناجي حرابة
عبدالله طاهر المعيبد
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
قراءة في كتاب (العدل الإلهي) للشهيد مطهري
العبادة والتّعلّم
آداب التّكسّب
طرق إثبات النبوة الخاصة
المخاطر الحقيقية للاعتقاد بعلاجات غير معتمدة طبيًّا
الرّكب الحسينيّ في المدينة المنوّرة (1)
التغيير المجتمعي، مراحله ومعالمه وأدبيّاته: مطالعة في ضوء القرآن الكريم (4)
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} ودعوى احتباس الوحي (2)
لمن يكتب الفيلسوف؟
عقيدتنا في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية