أخذت ترجمة الإمام الحسين عليه السلام في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر عدداً كبيراً من الصفحات بلغ 150 صفحة؛ فقد بدأ فيها من صفحة 111 وانتهى في صفحة 261، فيما كان ما يفترض فيه المقتل يبدأ من صفحة 205. وسوف نسجل الملاحظات التالية سريعاً:
1) لا تخرج الترجمة بل المقتل عن الخط الأموي الشامي بأفكاره التي يبثها ويركز عليها من رفع المسؤولية عن يزيد بن معاوية وإلقائها على ابن زياد الذي تكررت أحاديث الترجمة عن أنه قرع رأس الحسين عليه السلام، بروايات متعددة وأسانيد كذلك لكل منها.
2) كذلك فإنه لم يأت على ذكر أي من فظاعات الجيش الأموي في قتل الحسين عليه السلام بل لم يأت على (مقتل الحسين) فلا ذكر فيه لأحداث يوم عاشوراء أصلاً. ولذلك قد لا يصح أن نطلق عليه من هذه الجهة مقتلاً بالرغم من أنه ينقل من مقتل محمد بن سعد كما صرح بذلك بدءًا من صفحة 205!
3) وحيث إن الرسالة تقرأ من عنوانها فقد عنون الترجمة بقوله: وفد على معاوية وتوجه غازيًا إلى القسطنطينية في الجيش الذي كان أميره يزيد بن معاوية. وحيث كانت البداية كذلك فمن الطبيعي ألا يذكر قتل يزيد إياه ولا تسيير رأسه الشريف ونساءه إليه في الشام! بل سينقل ما لا تصدقه الحقائق من وفود الحسنين على معاوية وإكرامه إياهما بالمال الوفير، وكل هذه العناوين لا مصداقية لها.
4) وأما ما هو واضح الوضع والكذب على الإمام الحسين عليه السلام والذي وصفه بأنه حديث منكر ولا يرى إسناده متصلاً إلى الحسين؛ ولا أعلم ماذا كان الهدف من نقله في الترجمة مع كونه غير متصل الإسناد وواهي المعنى ومنكراً، فهو ما نقله عمن أقسم كاذبًا بأنه رأى الحسين بعينه وسمعه بأذنه يصدق قول معاوية بأنه خال المؤمنين وأنه من شيعة آل محمد إلى آخر الكذبات! ومثله الحديث الآخر الذي رواه عن الحسين عليه السلام عن جده كما زعم في الترجمة ولم يعلق عليه والذي يقول فيه: لا تسبوا فلانًا وفلانًا فإنهما سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين.. مع أنه مما تضافرت روايات الأئمة على كذب هذا الحديث ووضعه على رسول الله.
5) تكرار أحاديث أن رأس الحسين عليه السلام قد أدخل على ابن زياد وأنه ضربه بعود، أو فرق بين أسنانه به وأمثال ذلك بمناسبة ذكر شبه الحسين عليه السلام بجده رسول الله. والحديث المفصل عن أن العراقيين هم الذين قتلوا الحسين بينما يسألون عن دم البعوض! بالطبع هذا لا بد أن يضاف إلى ما كتبه ابن عساكر في فضائل الشام وأهلها في مقدمة كتابه وأنها البلدة المقدسة وأن منها يبعث كذا وكذا إلى الجنة والناس لما يحشروا وغير ذلك. ولا بد أن نلاحظ أن الإطار العام المعروف عن الشام أنها أموية في مقابل أن العراق شيعي وعلوي وينتج ذلك ما سيقال فيما بعد من أن الذين قتلوا الحسين هم أهل العراق، وأما يزيد بن معاوية والأمويون فلم يصنعوا شيئًا أبدًا!
6) احتوت الترجمة على ما ظاهره مدح الحسين وواقعه ذم الحسن عليهما السلام، وفي حديث آخر بالعكس فقد كُذب على أمير المؤمنين بقوله: أما الحسن فلا يغني في الحرب حبالة عصفور! مع أن الثابت في حرب الجمل شجاعة الإمام الحسن، وأنه طعن الجمل. وفي حديث آخر ذم الحسنين بلسان المدح فالحسن يمدح الحسين بشدة قلبه وأنه لم يؤت ذلك ويتمنى لو كان له ما للحسين من شدة القلب، بينما يتمنى الحسين أن يكون له بعض ما للحسن من بسط لسانه من الفصاحة والبلاغة! وهذه ظاهرها مدح وباطنها ذم في كلا الإمامين.
وينقل حديثاً مكذوباً عن تهاجر الحسنين ثلاثة أيام (ومن المعلوم أن هجر المؤمن أخاه ثلاثة أيام يوجب براءته منه كما نقلوا)! وأن الحسن كتب إلى الحسين يعيب عليه إعطاء الشعراء قال فكتب إليه الحسين إن خير المال ما وقى العرض!!
7) لاحظنا أنه نقل عن ابن سعد مقتله وصرح بذلك، وحافظ على أفكاره الأساسية من أنه الناس بايعوا يزيد وامتنع الحسين ثم اعتراضات الصحابة عليه... لكنه يغير قدر الإمكان فيما لا يناسب آراءه ولو أدى لتشويه مقالة الحسين مثل نقله: ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، فإنها قد تغيرت عند ابن عساكر لتصبح: "ألا وإن البغي قد ركن بين اثنتين بين المسألة والذلة" وهذه الجملة لا معنى لها! كما أنه استثنى كما قلنا سبع صفحات من مقتل ابن سعد فيها تفاصيل مقتل الإمام الحسين عليه السلام، كما لم يتعرض إلى حمل نسائه والرؤوس إلى الكوفة ومنها إلى الشام، ولا إلى ما نقله ابن سعد في أكثر من حديث عن كون الرأس قد حمل إلى يزيد وأنه كان يضرب ثناياه وقد اعترض عليه أبو برزة الأسلمي، وأنه كان يتمثل بأبيات ابن الزبعرى السهمي.. فهذا كله لم يذكر في ترجمة ومقتل الإمام الحسين لابن عساكر.
8) كل ما سبق تم التغاضي عنه وإغفاله لكن الخبر الكاذب، ما زعموه عن أن الحسين عليه السلام خيرهم بين أن يسلموه إلى يزيد أو أن يبعثوه إلى الثغور ليقاتل أو..الخ، لم ينس ابن عساكر أن يذكره ويؤكد عليه كذلك إذا تم التغاضي عن ذكر يزيد في المقتل وكأنه لم يكن موجوداً في تلك الفترة الزمنية، إلا أنه لم ينس ما زُعم كذباً من أن يزيداً أوصى ابن زياد أن يرفق بالحسين!
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ شفيق جرادي
عدنان الحاجي
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ محمد جواد مغنية
حيدر حب الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد مصباح يزدي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
ترجمة الحسين (ع) ومقتله في تاريخ ابن عساكر
الرحمة الشاملة المطلقة والرحمة الخاصة
معنى: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾
قبساتٌ في المعرفة الحسينية، دروسٌ في معرفة الإمام
الندم (2)
أثر التربية الصالحة
الأمراض العقلية لا تتوارث بالضرورة بين أفراد العائلة الممتدة
الحدث الحسيني وإمكانات التحقق التاريخي (1)
النّدم (1)
حبّ الذّات