من التاريخ

معلومات الكاتب :

الاسم :
الشيخ فوزي آل سيف
عن الكاتب :
من مواليد سنة «1379 هـ» في تاروت ـ القطيف، درس المرحلة الابتدائية في تاروت وهاجر للدراسة الدينية في الحوزة العلمية بالنجف ـ العراق سنة 1391 هـ. التحق في عام 1394 هـ، بمدرسة الرسول الأعظم ودرس فيها الأصول والفقه وتفسير القرآن والتاريخ الإسلامي والخطابة والأدب، في عام 1400 هـ هاجر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران وشارك في إدارة حوزة القائم العلمية في طهران، ودرّس فيها الفقه والأصول والثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي، وأكمل دراسة المنهج الحوزوي في الفقه والأصول. انتقل لمتابعة دراساته العالية إلى قم في بداية عام 1412 هـ ودرس البحث الخارج، عاد في نهاية عام 1418 هـ إلى وطنه القطيف. صدر له عدد من المؤلفات منها: "من قضايا النهضة الحسينية أسئلة وحوارات، نساء حول أهل البيت، الحياة الشخصية عند أهل البيت، طلب العلم فريضة، رؤى في قضايا الاستبداد والحرية، صفحات من التاريخ السياسي للشيعة" وغير ذلك..

مقتل الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام

نلاحظ عليه: كأنه استكثر على الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في مقتلهم وما حدث على نسائه أن يخصص لكل هؤلاء أكثر من 15 صفحة من كتابه تاريخ الإسلام الذي جاء في 52 مجلداً! وأما نفس المقتل فلم يزد فيه على خمسة أسطر! إن صح أن يسمى ما كتبه (مقتلاً)!

 

ويُعَد كما أرى من أسوء ما كتب حول حادثة كربلاء وما تلاها، فلك أن تتصور أن شخصاً يريد أن يكتب عن كل الحادثة في خمسة عشر صفحة، لا شك يخرج القارئ بشيء غير واضح عما حدث ولماذا حدث ما حدث؟! وكيف حدث ما حدث؟!

 

لا سيما مع عدم ترتيب لاعتماده الأخبار المتقطعة فأحياناً تجد خبراً عن رأس الحسين وأين صار؟ بينما هو حتى الآن لم يتحدث عن الواقعة والقتل!

 

يبدأ الحوادث بالإشارة إلى ما أورده ابن سعد في الطبقات، ثم يأتي بنفس الكلام والمقدمات حتى لتكاد تكون بالنص فيما يرتبط (بنهي الصحابة) الحسين عن الخروج، وقد أشرنا إلى ذلك عند الحديث عن مقتل الحسين في طبقات ابن سعد ونذكّر بأن التركيز على هذه الجهة في كل المقاتل (المختصر منها والمفصل) يستبطن في داخله إدانة للحسين الذي (عصى) نصح الناصحين، وأصر على الخروج! ومن الطبيعي أن من يقرأ المقتل ويرى حشد الأسماء بطريقة توحي بموقف معاند وأنه كان ينبغي أن يسمع كلامهم! خصوصاً مع إغفال وترك خطب الإمام الحسين وكلماته التي تبين مواقفه وسبب خروجه والأخطار التي كانت تتهدد الإسلام بولاية يزيد وما قاله عليه السلام من أنه (وعلى الإسلام السلام إذا بليت الأمة بوال مثل يزيد) لقد تم تجاهل كلمات الحسين عليه السلام التي تبين أهدافه ومنطلقاته حتى وصيته المشهورة التي أوصى بها أخاه محمد بن الحنفية (وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وأبي) لكنهم بدل ذلك يروون أن محمد بن الحنفية لم يخرج مع الحسين ومنع أبناءه من الخروج!! وذلك لكي يزعموا أن (خطأ) الحسين في موقفه كان واضحاً حتى لبعض أهل بيته!

 

التأكيد على ما كذبه شاهد العيان الرئيس عقبة بن سمعان، من أن الحسين طلب منهم أن يسمحوا له بواحدة من ثلاث: كما زعم الذهبي ناقلاً عن أبي معشر نجيح عن بعض مشيخته، أن الحسين قال لعمر بن سعد: يا عمر اختر مني إحدى ثلاث: إما أن تتركني أن أرجع، أو أن تسيرني إلى يزيد فأضع يدي في يده، فيحكم فيما أرى، فإن أبيت فسيرني إلى الترك، فأقاتلهم حتى أموت عن أن يسير إلى ثغر من الثغور او يسلم يده في يد يزيد..، فأول ما في هذا الخبر هو أبو معشر وتجد وصفهم له بالضعف بل الكذب في الهامش، وهو ينقله عن بعض مشيخته الذين لا نعلم من هم؟ ثم يعتمد عليه الذهبي في مسألة بغاية الأهمية كالتي ذكرت وكأنّ الحسين عليه السلام متهالك على أن يقبلوا منه أي واحدة من الخصال التي لا ريب أن الحسين يرفضها كلها، وقد كذبها عقبة بن سمعان مولى الحسين عليه السلام بما أشرنا إليه في فصل السيرة الحسينية.

 

التأكيد من قبل مؤرخي الخط الرسمي للخلافة والشامي على وجه التحديد على تأسف يزيد وحزنه بل بكائه على الحسين لما وصل الأسارى للشام! واعتمادهم في ذلك على ما رواه الزبير بن بكار قال حدثني محمد بن حسن المخزومي قال: لما أدخل ثقل الحسين على يزيد ووضع رأسه بين يديه بكى يزيد وقال: نفلق هاماً من رجال أحبة إلينا، وهم كانوا أعق وأظلما..

 

ولأنه يتكرر في كل هذه المصادر فمن المهم الإشارة إلى أن من يسمى بمحمد بن الحسن المخزومي ويلقب بزبالة والذي اعتمد عليه الزبير بن بكار قد وصف عند الرجاليين تارة بالكذاب وأخرى بأنه ليس بثقة وهكذا.

 

ولا نعلم هل أن من البكاء نكت ثنايا الحسين عليه السلام؟ وهل من البكاء قوله لزينب: إنما خرج من الدين أبوك وأخوك؟ إن من ميزات هذا الخط (الشامي) رفع المسؤولية عن يزيد إلى الحد الذي جعلوه يبكي على الحسين، ورفعوا عنه جريمة ضرب رأس الحسين بالقضيب، وتحميل ذلك لابن زياد مثلما رأينا في (جهاد) ابن تيمية لنفي مسؤولية يزيد! وهكذا هنا التهالك على رواية الزبير بن بكار وإثبات أن الذي ضرب الرأس هو ابن زياد، وينفرد في هذه المسألة الخط الشامي المسكون بالاتجاه الأموي عن سائر المؤرخين حتى عند من يعتمدون عليه كابن سعد الذي ثبت في مقتله ضرب يزيد رأس الحسين في أكثر من رواية، لكنهم (يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ).

 

فمن جهة هم يسعون قدر الإمكان إلى تغييب الفظاعات والجرائم التي ارتكبها الجيش الأموي، وتخفيف شناعة ما تم ارتكابه من أهل بيت النبي وسيد شباب أهل الجنة على وجه الخصوص ولذلك فهم لا يعرضون بشكل تفصيلي لما جرى على الحسين وأهل بيته، وإنما يختصرون الحدث ببضع كلمات كما فعل الذهبي في مقتل الحسين عليه السلام، وفي المقابل يؤكدون على حزن يزيد وبكائه على ما حصل ويلقون باللوم على ابن زياد!

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد