جعل اللَّه الكعبة البيت الحرام قياماً للناس وجعل الحجّ موسماً للعبادة، وفرصة لالتقاء المسلمين الوافدين من كلّ صقع وصوب ليتعارفوا، وليتعرّفوا على معالم دينهم ويطّلعوا على أحوالهم، فهذا هو - بعد العبادة - من أظهر مصاديق قوله تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ)، وأيّ منفعة - بعد العبادة - أكبر من أن يلتقي الإخوة في اللَّه في نقطة واحدة بعيداً عن جميع الاعتبارات الشخصية والاجتماعية والحواجز القومية، والإقليمية والعرقية يُخيِّم عليهم ظلال الدين، وتَغمرهم مشاعر المحبّة والمودّة، وتجمعهم روح الأخوّة الصادقة الصافية؟
وأيّ مسألة أهمّ من أن يتعرّف المسلمون على الأخطار والمشاكل المحدِقة بهم، ويتدارسوا حلولها المناسبة ويعملوا معاً وبيد واحدة، وعزيمة متضافرة لإزالتها، أو يخفّضوا من وطأتها وثقلها عن كواهلهم.
وأيّ مشكلة هي أكثر ضغطاً على المسلمين اليوم من مشكلة الاستكبار المتشكّل بأشكال مختلفة الّذي يحتلّ بلاد المسلمين عسكرياً، أو يسيطر عليها سياسياً، أو يغزوها ثقافياً، وينهب ثروات المسلمين، ويثير الفتن بينهم، ويقتل أبناءهم، ويُفسد شبابهم، و....
أليس «الحجّ» خير مكان لإعلان الاستياء الإسلامي العام من هذا الاستكبار الخبيث البغيض وفي طليعته أمريكا وأذنابها. وإذا كان المسلمون المظلومون، المضطهدون في بلادهم لا يستطيعون الإعلان عن استيائهم وغضبهم على المستعمرين في عقر ديارهم، لوجود حكومات عميلة تخنق الأصوات وتُكمّ الأفواه، أفلا يكون الحجّ أفضل فرصة وأحسن مكاناً لإعلان هذا الاستياء والغضب جنباً إلى جنب مع كافّة الإخوة المسلمين إلى جانب العبادة والخضوع والتضرّع والإنابة؟
أليس رفض الطواغيت الذي يعتبر الخضوع لحكمها، والسير في ركابها، والركون إليها من مصاديق «الشرك في الطاعة» من أبرز مظاهر التوحيد الّذي جعل اللَّه الحجّ تجسيداً له، وتحقيقاً لحقيقته؟
ولقد أدرك المسلمون اليوم هذه الحقيقة، ومع تنامي الحركة الإسلامية وتصاعد الصحوة الإسلامية أدركوا أنّ الحجّ هو المكان المناسب والفرصة المناسبة لتوحيد صفوف المسلمين، وإيقاظهم، وإيقافهم على حقيقة الأحداث المأساوية الّتي يقف وراءها أعداء الإسلام: أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وغيرهم من قوى الاستكبار والاستعمار.
لقد أدركوا أنّ الحجّ خير فرصة لإعلان الاستياء لإسلامي العام من الاستعمار البغيض جنباً إلى جنب مع العبادة والإنابة امتثالًا لقوله تعالى: (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ...) الذي يشير «1» إلى فلسفة الحجّ المزدوجة: العبادية والسياسية وجانبيه الدنيويّ والأُخروي.
ولكن مع الأسف نجد بعض من يدّعي العلم، ويتصدّر مقام الدعوة إلى الإسلام يخالف بشدة هذه الحركة المباركة وهذه الخطوة العظيمة المؤثرة التي لا تهدف إلّا إلى إنقاذ المحرومين والمظلومين، وشجب الاستعمار والاستعباد، وهو يسمع باستمرار أخبار المذابح والمجازر الّتي تودي بحياة الكثير من أبناء الأُمّة الإسلامية كلّ يوم وبسبب مباشر من كيد الاستعمار...
هذا البعض بدل أن يضمّ صوته إلى أصوات بقيّة المسلمين المستنكرة لأعمال الاستعمار، الشاجبة لجرائمهم بحقّ الإسلام والمسلمين، نجده يضمّ صوته إلى أصوات الدوائر الاستعمارية ويهرّج في أبواقه الإعلامية ضدّ المسلمين، ويستنكر غضبهم على الاستعمار.....
وأعجب من كلّ هذا تمسّكه لتحريم هذه الخطوة المباركة بقوله تعالى: (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) الذي لا علاقة له بهذه المسألة أصلًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) . الحج : 28 .
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يد الإمام الكاظم (ع)
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (3)
هل نحتاج أن نقرأ لنتعلّم أم يكفي الاستماع؟ ماذا يقول علم الأعصاب؟
اختتام النّسخة العاشرة من حملة التّبرّع بالدّم (دمك حياة)
الإمام الكاظم (ع) في مواجهة الحكّام العبّاسيّين
السّيّدة رقيّة: اليتيمة الشّهيدة
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله