الشيخ جعفر السبحاني ..
لقد استدل القائلون بالشورى بآيتين هما :
الأولى : قوله سبحانه : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ } ( العمران : 159)
فإنّ الله سبحانه يأمر نبيّه بأن يشاور من حوله ، وذلك تعليماً للأمّة بأن تتشاور في مهامّ الأمور ، ومنها (الخلافة).
غير أنّ التأمّل والنظر في مفاد الآية ، يكشف عن أنّ الخطاب فيها موجّه إلى الحاكم الذي استقرّت حكومته ، وتمّت بوجه من الوجوه ، فإنّ الله سبحانه يأمره بأن يشاور أفراد الأمّة ويستضيء بأفكارهم ، وينتفع بمشاورتهم توصّلاً إلى أحسن النتائج كما يقول الإمام عليّ (عليه السلام) : « من استبدّ برأيه هلك ومن شاور الرجال في أمورها شاركها في عقولها » (1). فلا ارتباط للآية ومفادها بما نحن فيه.
وبعبارة أخرى : إنّ الخطاب وإن كان يمكن التعدي عنه إلى سائر أفراد الأمّة قائلاً بعدم خصوصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم ) في الخطاب لكنّه لا يمكن التعدّي عن ذلك المنطوق إلاّ إلى مقدار يشابه منطوق الآية لا أكثر ، فأقصى ما تفيده الآية ، هو أن لا يكون الحاكم الإسلاميّ ، وصاحب السلطة التي تمت سلطته ، مستبدّاً في أعماله بل ينبغي أن يتشاور مع أصحابه وأعوانه في مهامّ الأمور وجسامها ، وأمّا أن يصحّ تعيين الإمام والخليفة عن طريق الشورى استدلالاً بهذه الآية ، فلا يمكن الانتقال ممّا ذكرناه إلى هذا المورد.
هذا مضافاً إلى أنّ الظاهر من الآية هو أنّ ( الشورى ) لا توجب حكماً للحاكم ولا تلزمه بشيء ، بل هو يقلّب وجوه الرأي ، ويستعرض الأفكار المختلفة ثمّ يأخذ بما هو المفيد في نظره ، وهذا يتحقق في ظرف يكون هناك (رئيس) تام الاختيار في استحصال الأفكار ، والعمل بالنافع منها ، كما أنّ استحصال الأفكار هذا لا يتمّ إلاّ أن يكون للمستشير مقاماً وسلطةً وولايةً مفروضة ، ويكون رئيساً مستقرّ الحاكميّة ، وأمّا إذا لم يكن ثمة رئيس فلا يمكن أن يتم هذا الأمر ، الذي ندب إليه القرآن وحثّ عليه ، إذ ليس عندئذ هناك رئيس يندب الأفراد ويستعرض أراءهم ثمّ يتأمّل فيها ويأخذ بالنافع منها.
الثانية : قوله تعالى : { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } ( الشورى : 38 ) ، فإنّ إضافة المصدر ( أمر ) إلى الضمير (هم) يفيد العموم والشمول لكلّ أمر بما فيه الخلافة والإمامة ، فالمؤمنون ـ بحسب هذه الآية ـ يتشاورون في جميع أمورهم حتّى الخلافة.
ولكن ينبغي البحث في الموضوع الذي تأمر الآية بالمشورة فيه وأنّه ما هو ؟ فنقول : إنّ الآية تأمر بالمشورة في الأمور المضافة إلى المؤمنين ، فلا بدّ أن يحرز أنّ هذا الأمر ( أي تعيين الإمام ) أمر مربوط بهم ، ومضاف إليهم ، فما لم يحرز ذلك لم يجز التمسّك بعموم الآية في مورده.
وبعبارة أخرى : إنّ الآية حثّت على الشورى في أمورهم وشؤونهم لا فيما هو خارج عن حوزة أمورهم وشؤونهم ، ولما كان تعيين ( الإمام والخليفة ) من جانبهم مشكوكاً في كونه من أمورهم ، إذ لا يدرى هل من شؤونهم وصلاحياتهم، أم من شؤون الله سبحانه فعندئذ لا يجوز التمسّك بالآية في المورد.
وبعبارة ثالثة : هل أنّ الإمامة إمرة وولاية إلهيّة لتحتاج إلى نصب وتعيين إلهيّ ، أو هي إمرة وولاية شعبيّة ليجوز للناس أن يعيّنوا بالشورى من أرادوا للإمامة والخلافة ؟
ومع الترديد والشكّ ، لا يمكن الأخذ بإطلاق الآية المذكورة وتعميم ( أمرهم ) لأمر الإمامة ، لأنّه من باب التمسك بالحكم عند الشكّ في الموضوع ، وهذا نظير ما إذا قال أحد : ( أكرم العلماء ) فشككنا في رجل هل هو عالم أو لا، فلا يجوز التمسّك بالعامّ في هذا المورد المشكوك والقول بلزوم إكرام الرجل.
______________________
(1) نهج البلاغة : قسم الحكم الرقم (161).
الشيخ فوزي آل سيف
الشيخ عبد الله الجوادي الآملي
الشيخ محمد صنقور
الشيخ شفيق جرادي
عدنان الحاجي
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ محمد جواد مغنية
حيدر حب الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الشيخ محمد مصباح يزدي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
ترجمة الحسين (ع) ومقتله في تاريخ ابن عساكر
الرحمة الشاملة المطلقة والرحمة الخاصة
معنى: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾
قبساتٌ في المعرفة الحسينية، دروسٌ في معرفة الإمام
الندم (2)
أثر التربية الصالحة
الأمراض العقلية لا تتوارث بالضرورة بين أفراد العائلة الممتدة
الحدث الحسيني وإمكانات التحقق التاريخي (1)
النّدم (1)
حبّ الذّات