الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
ماذا يقصد سيّد الشهداء عليه السلام بـ "الإصلاح" حينما قال: "إنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمّة جدي"؟
ونضمّ إلى هذا النصّ نصّاً آخر وهو جزء من خطاب له عليه السلام ألقاه أثناء مسيره نحو كربلاء، لعلّه يُساعدنا على توضيح الموضوع أكثر، يقول عليه السلام:
"إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد قال في حياته: مَنْ رَأى سُلْطاناً جائراً، مُسْتَحِلاًّ لِحَرامِ اللّه، ناكِثاً لعَهْدِ الله، مُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللّه، يَعْمَلُ في عِبادِ اللّه بالإثْمِ وَالْعُدْوانِ، ثمّ لَمْ يُغَيِّرْ بِفِعْلٍ وَلا قَوْلٍ، كانَ حَقِيقَاً عَلَى اللّه أَنْ يُدْخِلهُ مَدْخَلَهُ.
ألا وَإنَّ هؤُلاءِ القَوم قَدْ لَزَمُوا طاعَةَ الشَّيْطانِ وتَوَلَّوا عَنْ طاعَةَ الله، وَأظْهَرُوا الْفَسادَ وَعَطَّلُوا الْحُدُودَ وَاسْتأثرُوا بِالْفَيءِ وَأحَلُّوا حَرامَ اللّه وَحَرَّمُوا حَلالَهُ..."
كلّ من يرى حاكماً قد تسلّط على الآخرين بالقوّة وهو ناكث لعهد الله، ما هو عهد الله؟ إنّه عهد العبودية الوارد في قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)} (سورة يس).
كلّ من يرى حاكماً يستغلّ قدرته للتحلّل من عبوديّة الله، ويسير بشكل مخالف لسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث لا يعمل بأقواله صلّى الله عليه وآله، ويتَّسمُ سلوكه مع الناس بالإثم والعدوان.
من رأى سلطاناً بهذه الصفات ثمّ لم يُغيّر عليه بفعل ولا قول، أي لم يعمل عملاً ولم يقل قولاً يدفع هذا الشخص للعودة إلى المسار الصحيح، فإنّ من حقّ الله سبحانه أن يُدخله (الراضي بذلك) جهنّم مع ذلك الظالم.
ذلك الحاكم قام بعمل خاطئ، وهذا الشخص قد سكت عن هذا الخطأ، ويُعتبر السكون إمضاءً لعمل مرتكب الخطأ ويؤدي إلى أن يُصبح الشخص جليساً للمُخطئ.
ثم يُشير عليه السلام إلى القوم الذين يواجههم -وهم بنو أميّة- فيؤكد على أنّهم قد عملوا على عكس عهد الله المبيّن في قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)} (سورة يس).
فهم "قَدْ لَزَمُوا طاعَةَ الشَّيْطانِ وتَوَلَّوا عَنْ طاعَةَ الله"
ويواصل عليه السلام خطابه فيقول: "وَأظْهَرُوا الْفَسادَ" وهو موضع شاهدنا في هذا البحث، حيث أظهروا الفساد في المجتمع.
ماذا فعلوا؟ يقول عليه السلام في عطف تفسير على العبارة السابقة: "وَعَطَّلُوا الْحُدُودَ" الإلهيّة، ففي المورد الذي لا بدّ أن تُقطع فيه يد السارق فإنّهم لا يقطعونها... وفي المجال الذي لا بدّ أن تُنفّذ فيه سائر الأحكام الإلهيّة فإنّهم لا ينفذونها، هذا هو الفساد في ثقافة الإمام الحسين عليه السلام.
ويضيف الإمام عليه السلام توضيحاً فيقول: "وَاسْتأثرُوا بِالْفَيءِ" بيت المال الذي يجب أن يُنفق على جميع المسلمين والامكانيات التي لا بّد أن توضع تحت تصرّف الجميع بشكل مساوٍ، استأثروا بها وقصروها على أنفسهم ومن يدور في فلكهم.
"وَأحَلُّوا حَرامَ اللّه وَحَرَّمُوا حَلالَهُ" هناك أمور لا يشكّ مؤمن في أنّ الله قد حرّمها، لكنّ هؤلاء يقولون: إنّ القليل منها لا يضرّ! أو أنّها لا إشكال فيها الآن لأنّ الإسلام سيّال! ونحن نؤمن بالفقه الحركي! كانت هذه الأمور حراماً في الأمس البعيد، وقد أصبحت اليوم حلالاً!...
السيد جعفر مرتضى
السيد عادل العلوي
الشيخ محمد صنقور
عدنان الحاجي
السيد محمد حسين الطبطبائي
الشيخ محمد هادي معرفة
د. سيد جاسم العلوي
السيد عباس نور الدين
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد مهدي الآصفي
حبيب المعاتيق
حسين حسن آل جامع
شفيق معتوق العبادي
جاسم بن محمد بن عساكر
عبدالله طاهر المعيبد
رائد أنيس الجشي
ناجي حرابة
الشيخ علي الجشي
السيد رضا الهندي
عبد الوهّاب أبو زيد
المعاهدات في الإسلام (1)
السّعادة حسن العاقبة
معنى: (ضَلَع الدَّين وبوارِ الأيِّم)
أكبر عيّنة مجرّات على الإطلاق على بعد أكثر من 12 مليار سنة ضوئيّة
حقيقة التأويل في القرآن الكريم (2)
العرش والكرسيّ (2)
إنتروبيا الجاذبية والشروط الابتدائية الخاصة في لحظة الانفجار الكونيّ العظيم (2)
حبيب المعاتيق في المدينة المنوّرة: تسعة أعشار الوجد
كيف يصنع الدماغ العادة أو يكسرها؟
إنتروبيا الجاذبية والشروط الابتدائية الخاصة في لحظة الانفجار الكونيّ العظيم (1)