
المؤلَّفة قلوبهم هم الذين كانوا حديثي عهدٍ بالإسلام، فهم وإنْ كانوا قد أسلموا وأقرَّوا بالتوحيد وأذعنوا بنبوَّة النبيِّ الكريم (ص) إلا انَّ الإسلام وأركانه بعدُ لم يستقر في قلوبهم، فكان النبيُّ (ص) يتألَّفهم فيُقسم لهم من الغنائم والصدقات، وقد يُجزل لهم العطاء رجاء ثباتهم وحتى يظلَّوا على ظاهر الإسلام، فيكون ذلك سبباً لاستماعهم لآيات القرآن المجيد ومواعظ النبيِّ الكريم (ص) واختلاطهم بالمؤمنين فيحسُن عند ذاك إسلامهم.
وقد ورد ذلك في معتبرة زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: سَأَلْتُه عَنْ قَوْلِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾(1) قَالَ (ع): هُمْ قَوْمٌ وَحَّدُوا اللَّه عَزَّ وجَلَّ وخَلَعُوا عِبَادَةَ مَنْ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّه وشَهِدُوا أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّه (ص) وهُمْ فِي ذَلِكَ شُكَّاكٌ فِي بَعْضِ مَا جَاءَ بِه مُحَمَّدٌ (ص) فَأَمَرَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ نَبِيَّه (ص) أَنْ يَتَأَلَّفَهُمْ بِالْمَالِ والْعَطَاءِ لِكَيْ يَحْسُنَ إِسْلَامُهُمْ ويَثْبُتُوا عَلَى دِينِهِمُ الَّذِي دَخَلُوا فِيه وأَقَرُّوا بِه وإِنَّ رَسُولَ اللَّه (ص) يَوْمَ حُنَيْنٍ تَأَلَّفَ رُؤَسَاءَ الْعَرَبِ مِنْ قُرَيْشٍ وسَائِرِ مُضَرَ مِنْهُمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وعُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنٍ الْفَزَارِيُّ وأَشْبَاهُهُمْ مِنَ النَّاسِ فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ واجْتَمَعَتْ إلى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَانْطَلَقَ بِهِمْ إلى رَسُولِ اللَّه ص بِالْجِعْرَانَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه أتَأْذَنُ لِي فِي الْكَلَامِ فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ إِنْ كَانَ هَذَا الأَمْرُ مِنْ هَذِه الأَمْوَالِ الَّتِي قَسَمْتَ بَيْنَ قَوْمِكَ شَيْئاً أَنْزَلَه اللَّه رَضِينَا وإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ نَرْضَ قَالَ زُرَارَةُ وسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (ع) يَقُولُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ص يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أكُلُّكُمْ عَلَى قَوْلِ سَيِّدِكُمْ سَعْدٍ فَقَالُوا سَيِّدُنَا اللَّه ورَسُولُه ثُمَّ قَالُوا فِي الثَّالِثَةِ نَحْنُ عَلَى مِثْلِ قَوْلِه ورَأْيِه .."(2).
وكذلك ورد في معتبرة أُخرى لزُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ قَوْمٌ وَحَّدُوا اللَّه وخَلَعُوا عِبَادَةَ مَنْ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّه ولَمْ تَدْخُلِ الْمَعْرِفَةُ قُلُوبَهُمْ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّه وكَانَ رَسُولُ اللَّه (ص) يَتَأَلَّفُهُمْ ويُعَرِّفُهُمْ لِكَيْمَا يَعْرِفُوا ويُعَلِّمُهُمْ"(3).
ثم إنَّ عنوان المؤلَّفة قلوبهم يصدق على كلِّ مَن كان متزلزل اليقين ضعيف المعرفة لا يُؤمَن على مثله الثبات على دين الله تعالى وإنْ لم يكن حديث عهدٍ بالإسلام.
ويدل عليه إطلاق معتبرة زرارة الثانية ويؤيده مرسلة مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع): "مَا كَانَتِ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهُمُ الْيَوْمَ وهُمْ قَوْمٌ وَحَّدُوا اللَّه وخَرَجُوا مِنَ الشِّرْكِ ولَمْ تَدْخُلْ مَعْرِفَةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّه (ص) قُلُوبَهُمْ ومَا جَاءَ بِه فَتَأَلَّفَهُمْ رَسُولُ اللَّه (ص) وتَأَلَّفَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّه ص لِكَيْمَا يَعْرِفُوا"(4)
وكذلك فإنَّ عنوان المؤلَّفة قلوبهم يصدق بنظر المشهور على مطلق الكفار الذين يُرجى من إعطائهم من سهم الصدقات استمالتهم للجهاد مع المسلمين أو استمالتهم للإسلام.
ويستدلُّ لهذه الدعوى بما ورد في معتبرة لزرارة عن أبي جعفر (ع) قال: "قَالَ سَهْمُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وسَهْمُ الرِّقَابِ عَامٌّ والْبَاقِي خَاصٌّ .." وبمرسلة دعائم الإسلام عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: في قول الله عزَّ وجل: ﴿وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ﴾ قال: قوم يتألَّفون على الإسلام من رؤساء القبائل كان رسول الله (ص) يُعطيهم ليتألَّفهم، ويكون ذلك في كلِّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله"(5).
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة التوبة / 60.
2- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص411.
3- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص410-411.
4- الكافي -الشيخ الكليني- ج2 / ص412.
5- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج9 / ص210.
حقيقة التوكل على الله
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
من عجائب التنبؤات القرآنية
الشيخ جعفر السبحاني
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
الشيخ شفيق جرادي
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
إيمان شمس الدين
معنى (عول) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
(التّردّد) مشكلة التسويف، تكنولوجيا جديدة تساعد في التغلّب عليها
عدنان الحاجي
الموعظة بالتاريخ
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كلام عن إصابة العين (1)
الشيخ محمد هادي معرفة
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
محمود حيدر
السيّدة الزهراء: صلوات سدرة المنتهى
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
محفّز جديد وغير مكلف يسرّع إنتاج الأوكسجين من الماء
حقيقة التوكل على الله
من عجائب التنبؤات القرآنية
فاطم حلّ نورها
محاضرة في مجلس الزّهراء للدّكتور عباس العمران حول طبّ الأطفال حديثي الولادة
تسبيحة السيدة الزهراء (ع)
المثل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال الزهراء (ع) أنموذجًا (3)
(الكمال المزيّف) جديد الكاتبة سوزان آل حمود
لـمّا استراح النّدى
شتّان بين المؤمن والكافر