
جاء استعمال لفظة الروح في القرآن مكرّرة «1»، مضافة ومفردة أو موصوفة ويختلف معناها حسب الموارد. وأكثر استعمالها في سور مكّيّة:
أولاها سورة القدر «2»: (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ). ثانيتها سورة ص «3»: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ). ثالثتها سورة مريم «4»: (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا). رابعتها سورة الشعراء «5»: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ). خامسها سورة الإسراء «6»: (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
فإذا لاحظنا أنّ السؤال هنا - في سورة الإسراء - ناظر إلى ما ورد في السور الأربع قبلها، مع العلم بأنّ الروح في سورة القدر وفي سورة مريم، هو المراد به في سورة الشعراء: جبرائيل عليه السّلام لأنّه الّذي نزل بالقرآن على قلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقد تمثّل لمريم بشرًا سويًّا، ويتنزّل مع الملائكة كلّ ليلة قدر.
أمّا الروح في سورة «ص» فمراد به الروح الّتي نفخها اللّه في آدم ليكون مسجود الملائكة وهكذا الوارد في سورة الحجر المكيّة أيضًا «7».
وكذا الوارد في سورة السجدة المكّيّة: (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) «8» هي الروح الملكوتيّة المنفوخة في الإنسان ليصبح خليفة اللّه في الأرض وهو المعبّر عنه في سورة المؤمنون المكيّة بالخلق الآخر: (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) «9» خلقًا آخر ملكوتيًّا مترفّعًا عن سائر الأحياء الأرضيّين ومن ثمّ بارك اللّه نفسه في هذه الخلق البديع.
قال الإمام الصادق عليه السّلام: «إنّ اللّه - عزّ وجلّ - خلق خلقًا وخلق روحًا، ثمّ أمر ملكًا فنفخ فيه» «10» وهذه الروح مخلوقة للّه تعالى من الصفوة وخصّ بها أصفياء خلقه آدم وذرّيّته وكانت نسبتها إلى اللّه نسبة تشريف حيث مقام الاصطفاء فكانت ذات مقام ملكوتي رفيع.
روى الصدوق بإسناده الصحيح عن عمر بن أذينة عن محمّد بن مسلم قال: سألت الإمام أبا جعفر الباقر عليه السّلام عن قوله تعالى: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) قال: «روح اختاره اللّه واصطفاه وخلقه، وأضافه إلى نفسه، وفضّله على جميع الأرواح، فأمر فنفخ منه في آدم» «11».
وروى بالإسناد الصحيح إلى الحلبيّ وزرارة عن الإمام أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال: «إنّ اللّه - تبارك وتعالى - أحد، صمد، ليس له جوف. وإنّما الروح خلق من خلقه: نصر وتأييد وقوّة، يجعله اللّه في قلوب الرسل والمؤمنين» «12».
ولعلّ المراد به في هذا الحديث هي الّتي جاءت الإشارة إليها في قوله تعالى: (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) «13». أي روحانيّة مترفّعة عن أدناس الحياة الدنيا «14».
وروى بالإسناد إلى محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السّلام عن قوله تعالى: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) فقال: «وإنّما أضافه إلى نفسه لأنّه اصطفاه على سائر الأرواح، كما اصطفى بيتًا من البيوت فقال: بيتي «15». وقال لرسول من الرسل: خليلي «16» وأشباه ذلك. قال: وكلّ ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبّر» «17».
وروى بالإسناد إلى أبي جعفر الأصمّ قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السّلام عن الروح التي في آدم والتي في عيسى ما هما؟ قال: «روحان مخلوقان، اختارهما واصطفاهما، روح آدم وروح عيسى عليهما السّلام».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أكثر من عشرين مرّة.
(2) رقم نزولها بمكة : 25 . رقم ثبتها في المصحف : 97.
(3) رقم نزولها بمكة : 38 . رقم ثبتها في المصحف : 38 ، الآية : 72.
(4) رقم نزولها بمكة : 44 . رقم ثبتها في المصحف : 19 ، الآية 17.
(5) رقم نزولها بمكة : 47 . رقم ثبتها في الصحف : 26 ، الآية : 193.
(6) رقم نزولها بمكة : 50 . رقم ثبتها في الصحف : 17 ، الآية : 85.
(7) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ الحجر 15 : 29 رقمها المكّي : 54.
(8) السجدة 32 : 9 رقمها المكّي : 75.
(9) المؤمنون 23 : 14 رقمها المكّي : 74.
(10) البحار : 58 : 32 / 5 ؛ التوحيد : 172 / 6 ، باب 27.
(11) التوحيد : 170 / 1 ، باب 27.
(12) المصدر : 171 / 2.
(13) المجادلة 58 : 22 مدنيّة رقم نزولها : 106.
(14) راجع : كتاب التوحيد : 171 / 2.
(15) البقرة 2 : 125 . والحجّ 22 : 26.
(16) النساء 4 : 125.
(17) التوحيد : 171 / 3.
الموعظة بالتاريخ
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كلام عن إصابة العين (1)
الشيخ محمد هادي معرفة
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
الدكتور محمد حسين علي الصغير
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
محمود حيدر
مجلس أخلاق
الشيخ حسين مظاهري
معنى (كتب) في القرآن الكريم
الشيخ حسن المصطفوي
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
ما الحيلة مع أقاويل النّاس؟
الشيخ علي رضا بناهيان
مناجاة الزاهدين(5): وَتَوَلَّ أُمُورَنَا بِحُسْنِ كِفَايَتِكَ
الشيخ محمد مصباح يزدي
إعداد المراهقين والمراهقات قبل مرحلة البلوغ يساعدهم على تجاوز الاضطرابات النفسية المصاحبة لها
عدنان الحاجي
أمّ البنين: ملاذ قلوب المشتاقين
حسين حسن آل جامع
الصّاعدون كثيرًا
حبيب المعاتيق
أيقونة في ذرى العرش
فريد عبد الله النمر
سأحمل للإنسان لهفته
عبدالله طاهر المعيبد
خارطةُ الحَنين
ناجي حرابة
هدهدة الأمّ في أذن الزّلزال
أحمد الرويعي
وقف الزّمان
حسين آل سهوان
سجود القيد في محراب العشق
أسمهان آل تراب
رَجْعٌ على جدار القصر
أحمد الماجد
خذني
علي النمر
العدد الأربعون من مجلّة الاستغراب
الموعظة بالتاريخ
كلام عن إصابة العين (1)
الدلالة الصوتية في القرآن الكريم (1)
صفات الأيديولوجي؛ معاينة لرحلة الفاعل في ممارسة الأفكار (7)
التحوّل التعليميّ في عصر الذكاء الاصطناعيّ
مجلس أخلاق
الزهراء (ع) نموذج المرأة المسلمة
معنى (كتب) في القرآن الكريم
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ