مقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
السيد عادل العلوي
عن الكاتب :
السيد عادل العلوي، عالم فاضل وخطيب وشاعر، ولد في السادس من شهر رمضان 1375ﻫ في الكاظمية المقدّسة بالعراق. درس أوّلاً في مسقط رأسه، قبل أن يسافر مع أفراد عائلته إلى قمّ المقدّسة عام 1391ﻫـ ويستقرّ فيها مكبًّا على الدّرس والتّدريس والتأليف، له كثير من المؤلّفات منها: دروس اليقين في معرفة أصول الدين، التقية بين الأعلام، التوبة والتائبون على ضوء القرآن والسنّة، تربية الأُسرة على ضوء القرآن والعترة، عقائد المؤمنين، وغير ذلك. تُوفّي في السابع والعشرين من ذي الحجّة 1442ﻫ في قمّ المقدّسة، ودفن في صحن حرم السيّدة فاطمة المعصومة (عليها السلام).

السّعادة حسن العاقبة

إن كلّ إنسان منذ نعومة أظافره يحبّ السعادة ويفرّ من الشقاء، وهذا من الأمور الفطرية فإن الله أودع في فطرة الإنسان حبّ الخير والسعادة والكمال والجمال، كما أودع فيه أن يفرّ من الشرّ والشقاء والنّقص والقبائح، إلا أنّه على أثر المحيط الفاسد والبيئة الملوّثة بالذّنوب والمساوئ والرذائل، ينحرف ويضل عن الصراط المستقيم.

 

ولهذا يحتاج إلى ما يصونه ويحفظه من الزّيغ والزّلل والشّقاء، فجعل الله العبادة والدّعاء، ومنها الصّلاة معراج المؤمن وقربان كلّ تقيّ ومنها يطلب العبد من ربّه في سورة حمده أن يهديه ويثبته على الهداية (إهدنا الصراط المستقيم) فيكرّر ذلك لا أقلّ في كلّ يوم عشر مرات في الصلوات الواجبة فضلاً عن المستحبات، فإنّه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب عند جميع أهل القبلة ومما أجمع عليه المسلمون وفي سورة الحمد (إهدنا الصراط المستقيم).

 

وقد فسّر العلماء والناس السعادة والشقاء بتفاسير وتعاريف كثيرة ومختلفة، إلّا أنّ الله خالق الإنسان العارف بسعادته وشقائه، فسّر السعادة والشقاء في كتابه الكريم، بأن السعادة هي الجنة والشقاء هي النار، وأما السعداء ففي الجنة هم فيها خالدون، وأما الأشقياء ففي النار هم فيها خالدون، فكلّ عمل يوصلك إلى الجنة فهو من السعادة وكل عمل يوصل الإنسان إلى النار فهو من الشقاء، فليس السعادة بالمال والجاه والمقام والقصور وآخر موديل من السيارات وما شابه ذلك، بل ربّما كل هذا يكون من الشّقاء إذا لم يكن في سبيل الله سبحانه.

 

وإذا أردت أن تعرف حقيقة سعادتك في حياتك فاقرأ معي هذا الحديث الشريف وفكّر فيه ثم إعمل على ضوئه إن شاء الله تعالى. في كتاب بحار الأنوار بسنده عن مولانا الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه الإمام الباقر(ع): أن عليًّا (ع) قال: (إنّ حقيقة السعادة أن يختم للمرء عمله بالسّعادة وإن حقيقة الشّقاء أن يختم المرء عمله بالشّقاء).

 

بيان الحديث الشريف إجمالاً: لكلّ شيء حقيقة وواقع من الثوابت والذاتيات التي لا تتغير ولا تتبدل (ولن تجد لسنّة الله تحويلاً ولا تبديلاً) فهذا من الحقيقة، والحقيقة من الحقيق وهي صفة مشبّهة من الحق، والحق بمعنى الثابت، والله هو الحق جلّ جلاله، ويتجلي في خلقه كما تجلى في كتابه وفي محمد وآل محمد عليهم السلام، فكانوا مظاهر الحق جلّ جلاله.

 

فحقيقة السعادة هو حسن العاقبة بأن يختم للمرء أعمّ من الرجال والنساء عمله بالسعادة، أي يكون آخر عمله من أعمال السّعداء أي من أعمال أهل الجنة، وهو كل ما يقرب العبد إلى ربه، فيعمل كل الأعمال الصالحة من العبادات والمعاملات، فمن كان آخر عمل يعمله من أعمال السعداء كالصّلاة مثلاً، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الجهاد أو برّ الوالدين أو إكرام اليتيم أو احترام المسكين أو إصلاح ذات البين أو إدخال السرور في قلب الأسرة أو المؤمنين وما شابه ذلك من الأعمال الصالحة والأموال الحسنة، فإنه سيكون سعيداً وينال حقيقة السّعادة وربما هذا كان في أوّل حياته غير ملتزم وغير متديّن أو كان في ضلال، كأن يكون كافراً أو كان فاسقاً فاجراً كشارب الخمر، إلا أنه في عاقبة الأمر يعمل عمل السعداء، كأن يتوب ويستغفر ويموت فهذا يدلّ على أنه من السّعداء ومن أهل الجنّة ويغفر الله له ما تقدّم من ذنبه.

 

وأمّا ـ والعياذ بالله ـ ربما تجده في حياته كان يعمل الصّالحات وكان ملتزماً، إلا أنه في آخر حياته ارتدّ عن دينه أو ارتكب الموبقات، مثلاً كان في أيام شبابه ملتحيًا أي عنده لحية، ولكن في أيام شيبه وعند موته كان حليق اللحية، فمثل هذا يختم له بعمل الأشقياء فكان من الأشقياء وينطبق عليه حقيقة الشقاء.

 

أخي الكريم ماذا تفهم من هذا الحديث الشريف؟

 

أما خادمكم فأفهم أنه لا بد من المواظبة دائماً، وأن نحاول أن نعمل الصالحات واحدة تلو الأخرى، لأنه لا ندري متى تكون ساعة الموت والوفاة، فربّ عمل طالح عملته، وبعد ذلك جاءني ملك الموت وقبض روحي، فهذا يعني أني من الأشقياء؟ ربّ في يوم العرس أصرّت عائلة العروس وألبسوني خاتم الذهب الذي هو محرّم على الرجال عند كل مراجعنا العظام، وإذا به يأتي ملك الموت وفي يدي خاتم الذهب، أو ألبس قلادة ذهبية لأني أريد كشابّ أن أقتدي بلاعب كرة؟؟؟

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد