إنّ مقام إبراهيم من الآيات الإلهيّة البيّنة. والرأي المشهور هو أنّ هذه الصخرة المعروفة نفسها، التي تقع بالقرب من الكعبة، اتّخذها إبراهيم مقامًا عندما كان يرفع القواعد من البيت. وفي هذه الصخرة يُرى أثر قَدم إنسان بوضوح. وهذا بذاته معجزة وآية إلهيّة بيّنة، فكيف يترك قدم الإنسان أثرًا في جسم صلب صلد؟! وكيف يبقى هذا لسنوات طويلة رغم السيول والحروب والغارات؟!
ثمّ انطلق به إلى عرفات، فأقامه على العرفة وقال له: إذا غربت الشّمس فاعترف بذنبك سبع مرّات، ففعل ذلك آدم، ولذلك سمّي العرفة لأنّ آدم عليه السلام اعترف عليه بذنبه، فجعل ذلك سنّة في ولده يعترفون بذنوبهم كما اعترف أبوهم، ويسألون الله عزَّ وجلَّ التوبة كما سألها أبوهم آدم، ثمّ أمره جبرئيل عليه السلام، فأفاض عن عرفات فمرّ على الجبال السّبعة، فأمره أن يكبّر على كلّ جبل أربع تكبيرات، ففعل ذلك آدم
قال الصادق عليه السلام لمّا حجّ موسى عليه السلام نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له موسى عليه السلام: يا جبرئيل ما لمن حجّ هذا البيت بلا نيّة صادقة ولا نفقة طيبة؟ فقال: لا أدري حتّى أرجع إلى ربّي عزَّ وجلَّ فلمّا رجع قال الله عزَّ وجلَّ: يا جبرئيل ما قال لك موسى؟ وهو أعلم بما قال: قال: يا ربّ قال لي: ما لمن حجّ هذا البيت بلا نيّة صادقة ولا نفقة طيّبة
ويقال إنّ الإمام لمّا تناول السمّ تقطّعت أمعاؤه وأخذ يتقلّب على الأرض يميناً وشمالاً من شدّة الألم، ويجود بنفسه والتهب قلبه عطشاً- فقد كان الوقت شديد الحرّ والسمّ يغلي في جوف الإنسان- فطلب جرعة من الماء، والتفت إلى تلك اللعينة قائلاً: ويلك إذا قتلتِني فاسقيني شربة من الماء، فكان جوابها له أن أغلقت الباب ثمّ خرجت من الدار، فبقي الإمام يوماً وليلة يعالج ألم السمّ
إن كل ما ذكرناه آنفاً لا يعني: أن ظهور الإسلام، وانتشاره في الجزيرة العربية قد كان أمراً طبيعياً، بحيث إنه لو توفرت هذه العوامل لأي دعوة أخرى، فإنها تستطيع أن تحقق نفس النتائج التي حققها الإسلام، بل الأمر على العكس من ذلك تماماً، فإن ظهور الإسلام، وانتصاره في هذه المنطقة هو بذاته معجزة له،
وأيضاً عليه أن ينظر إلى من تولى الوزارة من هذه الفرقة لدول غير شيعية، كالعلقمي وزير المستعصم العباسي، وابن الفرات وزير المقتدر. وأيضاً ينبغي أن يقف طويلاً عند الحوادث والحركات الثورية التي قام بها الشيعة الاثنا عشرية، للانتفاض على السلطة الحاكمة طلباً للحرية والعدالة، كثورة العراقيين ضد الإنكليز سنة 1920 م وموقف علمائهم من حكام الجور.
وكانت بدائية العرب، وحياتهم الصعبة التي يعانون منها، قد جعلتهم أكثر إقداماً على التضحية في سبيل الدعوة التي يؤمنون بها عن قناعة وجدانية راسخة، ويتفاعلون معها تفاعلاً روحياً خالصاً. وذلك لأنهم لم ينعموا بحياة النعيم والرفاهية، التي لا تعب فيها ولا نصب، ولا آلام؛ ليصبح لهم تعلق شديد بالحياة، وحب، بل وعشق لها، فإن من الملاحظ: أنه كلما كانت الحياة رخية ناعمة مرفهة، ازداد تعلق الإنسان بها، وحبه لها، وكلما كان العكس، سهل عليه تركها، والتخلي عنها.
أما علماء السنة الذين أفردوا لأخبار المهدي باباً خاصاً في مؤلفاتهم فلا يبلغهم الإحصاء، وقد جرأت هذه الأحاديث والمقالات والكتب الكثيرين من أهل السنة أن ينتحلوا المهدوية ويدعوها لأنفسهم، وهذا يثبت ما قلناه من أن فكرة المهدي المنتظر يقول بها السنة والشيعة على السواء، تماماً كفكرة الخلافة والاثني عشرية، من حيث المبدأ، ولا اختلاف إلا في اتجاه الفهم وتطبيقه.
والخلاصة: أن إخبارات أهل الكتاب تلك قد غرست في ذهن العربي أن نبياً سوف يخرج من منطقته، مما سهل عليه قبول دعوته (صلى الله عليه وآله)، والإذعان للحق الذي جاء به؛ لأن الناس ـ باستثناء أصحاب المطامح والأهواء، والطواغيت منهم ـ لصفاء وسلامة طباعهم، وكونهم أقرب إلى الفطرة، وعدم تلوث فكرهم بالشبهات والفلسفات المعقدة كانوا يتقبلون الحق، ويذعنون له
فهذه الحالة الاجتماعية القاسية التي كانت تهيمن على الأمة، وذلك الضياع الذي يسيطر عليها قد هيأ الإنسان الجاهلي نفسياً لقبول الحق، والتفاعل معه، وجعله يتطلع للدعوة التي يجد فيها الحق والخير، ويعرف أنها تستطيع أن تخفف من شقائه وآلامه، وتنقذه من واقعه المزري والمهين ذاك.
وهذا التسلسل في الوصية من إمام إلى إمام هو من صلب عقيدة الاثني عشرية، لأن الإمام عندهم لا يكون إلا بنصّ النبي عليه مباشرة، أو بواسطة إمام منصوص عليه، ومن هنا كانت الإمامة منصباً إلهيّاً، يأتي في الدرجة الثانية من النبوّة، فالنبيّ يبلغ عن اللّه، والإمام يبلغ عن النبي.
والذي نراه ونرجّحه أن أسباب الاختلاف والتعدّد في الفرق الإسلامية، على ما بينها من رابط قويّ أو ضعيف، هي واحدة تتّحد مفهوماً، وتختلف مصداقاً. ومن هذه الأسباب أن الذين انتموا إلى الدّين، عند بدايته، منهم من انتمى إليه حقاً وصدقاً، ومنهم من انتمى إليه شكلاً وظاهراً ابتغاء ما يجنيه من وراء هذا الانتماء، تماماً كما ينتمي كثيرون إلى حزب من الأحزاب لمنافع شخصية.
د. سيد جاسم العلوي
الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
حيدر حب الله
عدنان الحاجي
الشيخ محمد جواد مغنية
الشيخ محمد صنقور
الشيخ محمد مصباح يزدي
السيد محمد حسين الطهراني
محمود حيدر
السيد محمد حسين الطبطبائي
حسين حسن آل جامع
فريد عبد الله النمر
أحمد الرويعي
حبيب المعاتيق
عبدالله طاهر المعيبد
حسين آل سهوان
أسمهان آل تراب
أحمد الماجد
علي النمر
زهراء الشوكان
نظريّة المعرفة عند كارل بوبر (1)
سورة الناس
إسلام الراهب بُرَيْهَة على يد الإمام الكاظم (ع)
النسخ في القرآن إطلالة على آية التبديل (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ) (3)
هل نحتاج أن نقرأ لنتعلّم أم يكفي الاستماع؟ ماذا يقول علم الأعصاب؟
اختتام النّسخة العاشرة من حملة التّبرّع بالدّم (دمك حياة)
الإمام الكاظم (ع) في مواجهة الحكّام العبّاسيّين
السّيّدة رقيّة: اليتيمة الشّهيدة
وما تُغْنِي الآياتُ والنُّذُرُ
إيثار رضا الله